لاشك ان المتعلمين القدامى يتذكرون جيدا أيام المحبرة والطباشيروالمنشفات .. أيام الدفتر الواحد والكتاب الواحد. لقد كانت الوسائل قليلة للغاية ،لكن المقابل كانت هناك جهود كبيرة بيذلها كل من المعلمين والمتعلمين .. كان كل منالمعلم والاستاذ يقوم بواجبه خير قيام ، وكان المتعلم يكد ويجتهد ، وكان الآباءيحفزون ويعدون ويتوعدون ، فيما كانت الظروف الاجتماعية والنهايات السعيدة تحتضن كلهذه المجهودات ، تنميها وتزكيها. بعد أن غادر المعمّـر البلاد فأصبحت المناصبشاغرة ،أما اليوم حيث الكتب الكثيرة والدفاتر الكبيرة وحيث الحاسوب والدراساتالمختلفة والنظريات البيداغوجية العصرية .. والبرامج التي تتجدد كل مرة والتدريسبالأهداف ثم الكفايات إلخ كل هذهالتحسينات والاصلاحات لم تفد في شيء ، فمستوى التلاميذ ظل ضعيفا للغاية ، وبالتاليصار مستوى المتخرجين ضعيفا أيضا . إنها كارثة ، كارثة لاشك فيها .
بدون فلسفة أستطيع القول ومع شيء من القناعة ، ليست بالقليلة – سأعرضذلك فيما بعد مع شيء من الايضاح والتفصيل -أن السبب يكمن في المستقبل الزاهر أيامالمحبرة والمنشفة ، والمستقبل المجهول أيام البرامج والحاسوب والنظريات العصريةتلو النظريات .. فما جدوى كل هذه الاشياء على الرغم من أهميتها إذا كان التلميذوالطالب لا يضمن مستقبلا لحياته ؟ ما جدوى أن أكد وأتعب من دون نتيجة على الاطلاق ؟ هذا الذي جعلالمتعلم في نظري لا يولي أي اهتمام يذكر لعملية التعلم ، وإلا كيف نفسر هذهالشهادات الجامعية وغيرها التي لم تعد تعني شيئا ؟ ما جدوى أن أظل أجري وأجري وأصلخط الوصول وأنا ألهث لأسمع فقط " حسن جدا " ؟ من هنا جاء كسل المتعلم ومن هنا انبثق عدماهتمام الآباء والأولياء .
أما عن الفاعل الاول في عملية التربية والتعليم ، فحدث ولا حرج ، إذلم يعد معلم أيام زمان هو نفسه اليوم ولم يعد أستاذ سنوات الستينيات والسبعينياتهو أستاذ التسعينيات وما بعدها .. انتهى عهد العسل الحر وحل محله العسل المغشوش ،لعلهم كانوا فيما مضى يقلدون الاستاذة الاجانب فقط في جدهم واجتهادهم ، كانوايتقمصون ضمائرهم الحية ، فتراهم يجتهدون مثلهم ، هذا فضلا عن المراقبة الصارمة منطرف السادة المفتشين ، وإن كان بعضهم ظالما أحيانا ، والترقيات التي يعز الحصولعليها إلا بعد جهد جهيد ، أما وقد طار أصحاب المثل الاعلى الى بلادهم بعيد الاستقلال.. ثم صارت الترقيات تعطى بالمجان تقريبا ، ،بدا العمل كأنه مجرد عمل تطوعي يجدّمن شاء ويغش من شاء ،يواظب على الحضور من شاء ويتغيب لأسباب واهية من شاء ، خاصةفي العالم القروي ...وإذا فلا عجب أن يـعطى التلاميذ نقطا جيدة بالمجان لتحسينصورة المعلم ، ولابأس أيضا أن تعطى الأجوبة شفويا او تكتب على السبورة أحيانا ، في الامتحانات الموحدة للسنة السادسة،وهذا المسلسل الهزلي سيستمر في باقي المستويات ، فقد سمعنا وتأكدنا من استعمالالهاتف المحمول و الانترنت عند الامتحانات الإشهادية ... لم يعد يهم المستوى التعليمي للتلميذ ، بقدر ما يهم عدد الناجحين في المؤسسة ،خاصة وأن لعنة ما يسمى بالخريطة المدرسية تزيد الطين بلة ، إذ يجب ألا يتعدىعدد الراسبين كذا وكذا ، والنتيجة مأساوية طبعا : وضع علامات الجودة على جبـين البضاعة الكاسدة ، وهكذا صارتالامتحانات مائعة تفت في العضد وباتت من قبيل تحصيل الحاصل .. أما نقط المراقبةالمستمرة فهي أكثر من مائعة ، حتى إذاوصلت أفواجنا المباركة إلى السلك الإعدادي ووقف الاساتذة على هول الكارثة ، لميجدوا بدا من غض الطرف والتعامل مع شيء من المرونة مع الأمر الواقع، كالمريض يعطىالدواء بجرعات ناقصة سنة بعد أخرى ، ولا تصل – وغالبا ما لا تصل- النهاية حتى تكونتلك الأفواج في حالة يرثى لها ، ناهيك عن العطل التي تبدأ قبل أوانها خاصة فيالمستويات العليا ، والتي غالبا ما يعطي إشارة ضوئها الأخضر مربي الأجيال نفسه .
يبدو ان الحل لا يكمن في البرامج والمقررات ، في تغيير البرامج وتكثيفالمشاورات واللقاءات وتوزيع المطبوعات والاقراص المدمجة ، بقدر ما يكمن في قطبينرئيسيين : ضرورة توظيف وإدماج المتخرجين في المجتمع مما سيخلق حب العلم والتعلممنذ البداية وحتى النهاية ، ثم ضرورة خلق خطة من شأنها ان تدفع المعلم والأستاذالى القيام بواجبه خير قيام منذ البداية وحتى النهاية ، لأنه إذا لم تكن عند رجلالتعليم الرغبة القوية والنية الصادقة في القيام بالواجب ، فما قيمة الاصلاحاتالتي تتوالى مرة بعد أخرى ؟ ما قيمة تزويد فلاح لا رغبة له في العمل ، بشتىالأليات الفلاحية الحديثة ومختلف الاسمدة ؟
يبدو ان الحل لا يكمن في البرامج والمقررات ، في تغيير البرامج وتكثيفالمشاورات واللقاءات وتوزيع المطبوعات والاقراص المدمجة ، بقدر ما يكمن في قطبينرئيسيين : ضرورة توظيف وإدماج المتخرجين في المجتمع مما سيخلق حب العلم والتعلممنذ البداية وحتى النهاية ، ثم ضرورة خلق خطة من شأنها ان تدفع المعلم والأستاذالى القيام بواجبه خير قيام منذ البداية وحتى النهاية ، لأنه إذا لم تكن عند رجلالتعليم الرغبة القوية والنية الصادقة في القيام بالواجب ، فما قيمة الاصلاحاتالتي تتوالى مرة بعد أخرى ؟ ما قيمة تزويد فلاح لا رغبة له في العمل ، بشتىالأليات الفلاحية الحديثة ومختلف الاسمدة ؟
في رأيي المتواضع أقول إن الحل لا يجب أن يقتصر على مجرد استيرادالنظريات من وراء البحار وبأموال طائلة ، و.. إغراق السوق بكتب هذا المؤلف أو ذاك، كل هذا سيكون مآله هدر الزمن وضياع المال ، مادام هناك أمور أساسية أخرى أولى وأسبق ، وإلا سنكون كمن يهتمبالبردعة قبل الحمار كما يقول المثل ، وهذه الامور الاساسية هي كالتالي :
أولا :
ضمان المستقبل / العمل ، لكل متعلم في نهايةالمشوار ، هذا الذي سيشكل الحافز الاساسي والدافع الذاتي القوي الذي سيجعل كلمتعلم يحرص كل على التعلم والتحصيل ، سيفهم ذلك تلقائيا من الواقع لما يرىالمتعلمين يتوظفون ويندمجون في المجتمع في نهاية المشوار ، وسيلمسون هذا من خلالثناء الأسر على النهاية الجميلة لمسيرة التعليم .لذا يجب تشجيع كل ما له علاقةبسوق الشغل في المستقبل ، يجب تشجيع كل التخصصات المهنية والتقليص في نفس الوقت منالمواد النظرية البحتة من آداب واجتماعيات ولغات .. بحيث يجب ألا يلتحق بالدراساتالجامعية فيها وبعدد محدود، إلا المتفوقون فقط ، القادرون على العطاء والإ‘بداعفيها.
ثانيا :
يجب ايلاء رجل التعليم القيمة التي يستحقهاماديا ومعنويا ، فهو الذي ينتج العقول ويصقل المواهب ويجعل من بني آدم إنسانامثقفا ومتحضرا .. فإذا كان الآخرون يتعاملون مع الأشياء ، فإن رجل التعليم يتعاملمع أفضل وأغلى ما في هذا الكون : الانسان، ثم مع أعظم ما في هذا الانسان : عقلهوروحه . فلا مناص من إعطائه حقوقه كاملة وبلا مماطلات مع العمل على التقليل منالفوارق فيما بينهم .فلا يعقل أن يكون المعلمون حديثو العهد في الدرجة الاولى فيمامعلم السبعينيات والثمانينيات في الدرجة الثانية وأحيانا الثالثة ، هذه الفوارق قد تفعل فعلها في نفسية البعض فتوعز إليهمبأن الجهد يجب أن يأتي على قدر الراتب الهزيل .. وسيوسوس له الشيطان " خدم ْعلىقـد فلوسك "
يدخل في هذا أيضا ضرورة التقليص من ساعات العمل ، فيجب التسوية بينأستاذ التعليم الابتدائي واستاذ التعليم الاعدادي والثانوي ، بأي حق يكون هناك فارق بينهما وكلاهما يؤديان رسالة واحدة ؟وموازاة مع ذلك أتساءل لم يُـقذف بالمجازين ممن لهم تخصص علمي بحث كالرياضيات والفيزياءوعلوم الارض والحياة ، في مجاهل تدريس اللغة العربية والتربية الاسلامية ؟ وقل نفسالشيء عمن له تخصص أدبي ، فأنا مثلا كنت أحيانا أجد صعوبة في تدريس الرياضيات في المستوى الخامسوالسادس ، ولايعني هذا أنني أقف عاجزا أماممختلف المسائل ، لكن والحق يقال ، لن أكون ذلك اللاعب الماهر في الميدان ..
ثالثا :
لأن كل معلم يلقي اللوم على سابقيه وتجده يتهمهمبالتقصير في أداء واجبهم ، ويعزو إليهم جميعا مستوى ضعف التلاميذ، وهو نفس حالالاساتذة في باقي الاسلاك التعليمية ، قلت مادام الجميع يتهم الجميع إلا ما ندر ،وتفعيلا لدور كل واحد على حدة ، فإني أقترح خطة عملية بسيطة جدا ، عملية لن تتطلب كل ذلك الزخم من التنظيرات واللقاءات والبرامج والاصلاحاتو.. والاموال التي تصرف بلا طائل ، هذه الخطة التي يمكن تسميتها فـر ***713; ضا ب " نظام المُصاحبة في التدريس "وتتلخص في أن يدرّس المعلم فوجا واحدا ثلاث سنوات متتالية ، بعدها يأتي دور المؤطرالتربوي الذي سيكون عليه – في أواخر السنة الثالثة من كل سلك تعليمي – أن يدرّسذلك الفوج ثلاثة أيام على الاقل وأسبوعا على الاكثر ، مع حضور السيد المدير وعضومن أعضاء جمعية آباء وأولياء التلاميذ وذلك لضمان الحياد في النقطة التي ستعطى لمعلم ذلك الفوج وذلك حسب مستوى التلاميذ ، بعدها يتسلم معلمالسلك الثاني ذلك الفوج لمدة ثلاث سنوات متتالية أيضا ، بعدها يكون التقييم بنفسالطريقة . وهكذا ستكون هناك متواليتان في العربية والمواد التابعة لها : من السنةالاولى حتى السنة الثالثة ، ومن السنة الثالثة حتى السنة السادسة ، ومتوالية واحدةفي مادة الفرنسية وما يتعلق بها ، فإما تكون هذه المتوالية من السنة الثالثة حتىالسنة السادسة أي أربع سنوات ، أو من السنة الرابعة حتى السنة السادسة أي ثلاثسنوات ، ويبقى مستوى السنة الثالثة قاراومستقلا . وهنا أقول لابد من إعطاء قيمة لهذه النقطة ، وذلك بأن تؤخذ بعينالاعتبار عند الترقيات ، والانتقالات وعند اجتياز الامتحانات لدخول سلك التأطيرالتربوي الخ هكذا سيُحسب لها ألف حساب. بهذه الطريقة البسيطة والممكنة ، سنقضي على الغشالمتوارث ... على إلقاء اللوم المجاني على الآخرين .. على استغلال الوضع من بعضالمتفانين الذين يظلون يبرّرون كسلهم المستمر بلا وازع ديني ولا أخلاقي . إن كل منألف الاصطياد في الماء العكر سيجد نفسه مضطرا لبذل ما وسعه من الجهد، لمّ ا يتأكد أنه المسؤول الأول والأخير عن فوجه الذي درّسه لثلاث سنواتمتتالية . ولتوضيح الامر أكثر ،أقول تصوروا معي أننا أعطينا لشخص قطعة أرضية تحويمجموعة من الشتلات ، وطلبنا منه رعاية هذه الشتلات ريثما تنمو وتثمر ثم أعطيناهمهلة زمنية كافية ، فعند انتهاء المدة ، فإننا سنجد ان النتيجة لن تخلو من حالتين: إما أشجار ناضجة يانعة تـعد بغلـّـة جيدة ، وإما أشجار يغلب عليها الذبول والوهنولن تعد بغير قلة العطاء .والذي يهم في هذا المثال التوضيحي هو أن ذات الشخصسيتحمل مسؤوليته كاملة في ذلك ولن يسعه غير الاعتراف بتقصيره ان كانت النتائجسلبية ، بخلاف لو وضعنا مصير تلك الشتلات بين يدي مجموعة من الاشخاص الذين سيتناوبون على رعايتها سنة بعد أخرى .أكيد أن النتائج لنتكون في المستوى ، إذ يكفي ان يندس بينهم كسول واحد أو اثنان حتى تضيع الجهود فينهاية المطاف ،ويضيع الحق وسط الباطل.. حوته وحْده كا تخنـّـز الشواري .. هذا الذييحصل اليوم في المدرسة المغربية وما بعدها من الاسلاك التعليمية .
رابعا : يجب أنيتصالح رجل التعليم مع نفسه و مع ضميره ..كفى من العبث والتسـيّـب وإلقاء اللومعلى الآخرين، ليتذكروا الحديث النبوي الشريف الذي يقول رحم الله عبدا عمل عملافأتقـنه ..وكفى من القول : عْـيـينا.. مليت هاد الخدْمه ..الله يعْـفو علينا منهاد الحرْفه قهرتـنا ..طلع ْ لنا الطباشير ف الراس الخ . أتشعرون بالتعب وأنتم فيالقسم ولا تشعرون به عند مباشرة أعمالكم الخاصة الأخرى؟ أتشعرون بالتعب والقهـروتنسون أنكم تتقاضون أجرا مجزيا في آخر الشهر ؟ أتـتعبون بكل هذه السهولة فتجدونأنفسكم ميّالين الى التكاسل والتقاعس وتنسون مصير أطفال زغب الحواصل ينظرون إليكمكل يوم بعيون بريئة ؟ أتتعبون وتنسون حال أمهات ينتظرن الخير من تعليم أبنائهن ، فمامحل انتظارهن عندكم من الإعراب ؟ أم تراكم قد وضعتموه في خانة خبر كان ؟ أتستعذبونالتجمّعات وتجاذب أطراف الحديث عمّا كان وما يكون عندما يغيب المدير ولا يكون ؟أتطالبون بالحقوق تلو الحقوق وتتقنون التكتلات وتنسون الواجبات تلو الواجبات ؟ أليسعيبا أن يكون التلاميذ في القسم يصيحون ويتراكلون وأنتم لا تزالون تمشون بعدُالهوينى في الطريق ؟ وأتعجب ممن بقول أن المهنة شريفة ورزقها حلال ، وما درى أنهامع الغش قد تكـتسي رداء الحرام ..كفى كسلا يا إخواني وتذكروا أنكم الآن في دار العملوغدا ستكونون من أهل دار الجزاء ..وأن من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقالذرة شرا يره .وفي الأخير أقول بأن كلامي هذا موجّه للبعض فقط دون الكل، ولا يفوتني أن أحيي أولئك الشرفاء الأخيار ، الأنقياء الأغيار،ذوي النفوس الأبـيّة، الذين يقومونبواجبهم خير قيام ..يتـقنون فنّ الرعْي ويحبون الرعيـّة ..
خامسا :
يجب اعتماد مبدإ الصرامة مع التلميذ ، أنتم تعلمون انه نزّاع للعبواللهو بحكم صغره .. وبحكم هذه الملاهي المنتشرة كالفطر التي يعج بها المجتمع الحديث، وأنا أتعجب ممن ينادي بنبذ العقاب البدني ، أتعجّـب للمنظرين الذين لا يستحيونمن اقتباس نظريات غربية من وراء البحار ويريدون تطبيقها على مجتمعات لها خصوصياتهاوثقافاتها وديانتها المختلفة ، نحن يا سادة لنا دين يبيح بل يدعو الى العقابالبدني عند تعليم الطفل ما يهمّه وينفعه..لنا دين يقول بالواضح " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم فيالمضاجع" طبعا ليس المقصود هو كسرالعظام وصفع الوجوه وركل الطفل حتى يلتصق جسده الصغير بالجدار، لكن المقصود هو ضربغير مبرّح حتى يفهم الطفل أن الامر جدّوليس بهزل .. حتى يزرع المعلم نوعا من الهيبة والاحترام فيضمن بذلك الانتباه والإصغاءالجيد للدروس . وبشيء من المنطق أضيف ان الصلاة لا تكون على الوجه المطلوب إلا بعدالتعلم ،تعلم القراءة والسور القرآنية والاحاديث النبوية وغير ذلك مما تصح بهالصلاة ، وهناك قاعدة أصولية تقول : مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، بمعنى أنالصلاة الواجبة مادامت لا تتم إلا بالتعلم ، فإن هذا الأخير يصير واجبا ،وهكذايأخذ " التعلم " نفس الوصف الذي للصلاة : الضرب غير المبرح. هذا من حيثالدين ، أما من حيث الواقع فإننا نجد أن أغلب الاسر المغربية تعاقب أبناءها عندالضرورة ، بسبب الشغب المتكرر والخطير أحيانا ، هذا واقع لا جدال فيه، فهل تنتظرونمن المعلم بعد كل هذا أن يهبّ فيقـبّـل رأس التلميذ المشاغب باستمرار ويتوسل إليهأن يتوقف عن شغبه ؟ أم يظل يشتري هدوءه بالهدايا والوعود ؟ أولم يقل الخليفة عثمانرضي الله عنه إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ؟ هذا في المدرسة ، أما في الاعدادي والثانوي ،فسيكون من المفيد تفعيل ما يسمى ب حسن السلوك بشكلجيد ، بحيث يُـترجم ذلك الى وثيقة ضرورية تدفع ضمن الوثائق الاخرى عند إرادة اجتياز امتحان ما ، وثيقة يراعى فيهاسلوك التلميذ كل سنة منذ مستوى السابعة حتى سنة الباكالوريا ،وغالب الظن أن الجميعسيحرص على نقاء هذه الوثيقة حتى يضمن لنفسه الانتقاء والمشاركة فيما سيأتي منالمباريات التي تنظمها مختلف المعاهد والمدارس.
سادسا :
سادسا وأخيرا، يجب تخفيف الأعباء عن كاهل المعلم في ما يسمى ب الجذاذات، الفكرة قرأتها عن إحدى الدول التي لا أتذكر اسمها ، وأراها عملية جدا ، إذ كانكتاب الاستاذ عندها عبارة عن جذاذات منفصلة بين دفتي السجل ، فيسحب منها الأستاذ ما يشاء متىشاء.. عوض تمضية وقت طويل في نسخ الجذاذات من كتاب الاستاذ كما نفعل الآن، مع أنهيفترض أن ينصبّ التركيز على تهييء الدرس ذهنيا مع الانتباه الى تغيير ما يجبتغييره، وليس على تحضير الجذاذات كل ليلة الى حد الكلل والملل.. هكذا سيربحالاستاذ الوقت ودون تعب ، فالتعب الحقيقيهو الذي ينبغي أن يكون في القسم ، ناهيك عن الفرعيات حيث الاقسام المشتركة التيتتطلب عددا كبيرا من الجذاذات في الليلة الواحدة ، ولابأس أن توضع الجذاذات لكلمادة في قرص مدمج ، ولابأس أيضا من استغلال الحاسوب المحمول في القسم لمن أراد ، وإن كنت أرى أن هذا ما سيحصل فيالقادم من السنوات .
ختاما أقول إن عملية التدريس في المدرسة المغربية هي عمل تسلسلي وهذا التسلسل لا يخدمه التناوب أبدا ، خاصة وأن لا سلطة لأحد منهم على آخر، إذيكفي أن يندسّ بين المجموعة شخصانمتفانيان أو ثلاثة ، حتى تضيع جهود الآخرين وتذهب تضحياتهم سدى، ولا بأس أن أعيدتوضيح الأمر مرة ثانية فأقول ، لنفرض اننا أعطينا قطعة أرضية من أجل فلاحتهاواستغلالها لمجموعة من الأشخاص بشكل استقلالي، فيقوم كل شخص بعمله المناط به من قلب للأرض أو حرثها أو زرعها أوسقيها أو تنقيتها أو حصادها ،بحيث يتناوبون واحدا بعد آخر ، ولنفرض أن شخصين أوثلاثة قصروا كثيرا في عملهم ، فكيف ستكون النتيجة ؟ هنا أقول انظروا الى مستوى تلاميذ السنة السادسة أوتلاميذ الباكالوريا لتعرفوا الجواب .
أخيرا أقول هذا هو رأيي المتواضع في أسباب تدهور التعليم وتعثرالمدرسة المغربية ، وأن الحل يكمن بالخصوص في اعتماد نظام المُصاحبة فيالتدريس ، حيث ستبدو جهود رجل التعليم واضحة للعيان ، بخلاف نظام التناوب الحالي ،حيث جهود البعض تضيع بسبب تفاني البعض ، والضحية هو التلميذ ، هذا الرأي أعرضه هنابمناسبة هذه اللقاءات التشاورية حول المدرسة المغربية ، لمن يهمه الأمر أو يملكالقرار . أرجو أن يكون في رأيي ما يفيد .
زايد التجاني / ميدلت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق