الأحد، 30 مارس 2014

دراسة في الحركة الصهيونية المسيحية ـ الجزء الثاني






مثل اكتشاف أمريكا منعطفا هاما في تاريخ المسيحية، إذ بعد فشل التطهريين في تحقيق أي تغيير، بدأت هجرتهم، مع باقي المسيحيين إلى العالم الجديد، من أجل حرية دينية المفقودة آنذاك في أوربا الكاثوليكية. وقد امتزجت عملية الهجرة بمشاعر دينية قوية، جعلت التطهريين يطلقون على أنفسهم اسم "الحجاج".



استوطن التطهريون بمستوطنة بلايموث وماساتشوسيتس وغيرهما، كما استوطن الآخرون بمختلف مناطق أمريكا، واستثمر الجميع جو الحرية فبدأوا بناء الكنائس، وهذا يفسر سبب وجود هذا العدد الكبير من الطوائف في الولايات المتحدة اليوم، إذ تنتشر في البلاد الكنائس الكاثوليكية، كما تنشر البروتستانتية بمختلف كنائسها كالكنيسة المعمدانية baptist والمنهجية methodist والمشيخية presbyterian والأسقفية episcopal والخمسينية pentecostal والسبتية seventh day adventist والمورمونية mormon وغير ذلك.



كان هؤلاء الحجاج يعتقدون أن هناك ميثاقا بينهم وبين الله، وبمقتضى هذا الميثاق كان عليهم أن يؤسسوا مدينة نموذجية لكل المسيحيين، مباركة من الرب، وذات حكومة مدنية وكهنوتية في الآن نفسه. وفي مقابل الإيمان بالمسيح، فإن الله وعدهم الحياة الأبدية.



وقد بلغت المشاعر الدينية أوجها في تلك الفترة وحصل نوع من التماهي مع العهد القديم، فصار المستوطنون يسمون أبناءهم بأسماء توراتية، مثل ميخا وعباديا وملاخي وأشعياء، وأصبح تعلم اللغة العبرية رائجا. وكان لهذه الخلفية التوراتية تجل آخر، تمثل في محاولة اعتساف التفسيرات والتأويلات، وكانت هناك نظرية شائعة أن الهنود الحمر هم قبائل بني إسرائيل العشر المفقودة منذ أيام العهد القديم، ثم جاء "كتاب المورمون" ليؤكد ذلك.



بالموازاة مع كل ذلك، أسس التطهريون كلية بكامبردج في ولاية ماساتشوستس، حيث كانت دراسة العهد القديم واللغة العبرية تحتل حيزا كبيرا من الاهتمام، وأنشأوا صحافة مكتوبة، كان أول إصدار لها في سنة 1640، وهو عبارة عن ترجمة لسفر المزامير (أحد أسفار العهد القديم). وجاء في واجهة الكتاب:

"سفر المزامير، مترجما ترجمة صحيحة إلى النظم الإنجليزي وبداخله تقديم خطاب يوضح وجوب ـ وليس فقط شرعية ـ الأمر الإلهي بإنشاد المزامير في كنائس الرب." (يتبع)





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق