الخميس، 26 يونيو 2014

رمضانيات . . لغز نهاية الانسان



في مدينتي كثير من الناس لايتشبتون بالمساجد القريبة , بقدر ما يتشبتون بالمقرئ الذائع



الصيت .



وأنا طفلة لم أبلغ بعد الحلم , كنت أرافق أبي على الدراجة النارية الى مسجد بعيد عن منزلنا



ولا ينتمي لحينا . انه مسجد مقبرة الشهداء . كنا نطلب أداء صلاة التراويح تحت امامة المقرئ



الجليل مصطفى الغربي , صوت قوي مستقيم , لم يكن يجمل صوته بقدر ما كان يقرب المأمومين



من شدة معاني الآيات .



اذا بلغت المسجد , تقف عيناك مشدودتان أمام الساحة الرحبة الفسيحة , وقد امتلأت عن آخرها



بالناس , مهرجان السيرات والدراجات لايقل عن وفود المصلين الآتين من كل حدب وصوب , ذكورا



اناثا , كبارا صغارا , باعة العصير والفواكه , تجار الكتب والملابس التقليدية , كنت أحس حقا أن



كل يوم هناك عيد . كل شيء يحيل على أننا دولة اسلامية , لاتشم الا رائحة المسك والبخور ,



التي تنبعث من القنينات الصغيرة المركزة , رغم أنها كانت تخنقني في ذلك الوقت ان مررت



بأحد بالغ في تمريرها على ثيابه , لكنني أشتاق الى ذكراها الآن .



يخيل لك أن كل الدار البيضاء قد حجت الى هناك .



كنت وحدي بعد أن افترقت عن أبي حيث ترك دراجته النارية . كي أنتقل من هذا المكان الى



داخل مسجد النساء وأحضى بمكان مريح في الصفوف الأمامية , لم يكن بالأمر الهين , خصوصا



صغيرة مثلي . كنا نحاول الوصول قبل أذان العشاء لأن المهمة كانت صعبة بعض الشيء , لا



ييسرها الا برد شهر يناير .



في ليلة لاتنسى , تجاوزت الساحة الكبيرة وصعدت السلالم شيئا فشيئا بين زحام النساء ,



قريبا أصل الى حيث تلك النافذة , في طفولتي كان يعجبني دائما أن أطل من النوافذ , خصوصا



نوافذ الحافلات , لأني لم أكن أركبها الا نادرا . تمكنت من الوصول الى النافذة بعد عدة خطوات



قصيرة زاحفة بسبب اشتداد الزحام . دفع بي فضولي الطفولي الى الالتفات يمينا لأكتشف



الخارج من الأعلى , من داخل المسجد , لأتلقى الصعقة . .






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق