الأحد، 1 يونيو 2014

ما علاقة وضع الأستاذ بالإصلاح؟




لا يكاد الحديث عن إصلاح التعليم يخلو من ذكر تحسين الظروف المادية للأستاذ كأحد الشروط الكبرى للوصول إلى الإصلاح. فكل من يتناول رؤية للإصلاح إلا ويضمنها قضية الوضع الإجتماعي للمدرس بإدراجها بالموازاة مع قضايا تربوية أخرى تتفاوت درجة أهميتها وعمقها.



لابد أن أشير أولا إلى أن الأستاذ يستحق أكثر مما يناله الآن، وكل ما يمكن أن يصل إليه الأستاذ من شروط مادية أفضل هو من باب الواجب لا المن. فالأستاذ ليس متسولا، ولا يستفيد من الريع، ولا يتوصل بمكافآت عن المردودية، وليست له مداخيل مشبوهة أو غير قانونية. لكن هل يؤثر إصلاح وضع الأستاذ إيجابا على عملية الإصلاح؟



أرى أن التأكيد على رسم علاقة بين الأمرين والجزم بكون إصلاح الحالة المادية للأستاذ هو أحد سبل إصلاح التعليم يشبه حبلا يحيطه الأستاذ حول عنقه بنفسه، ويعطي للآخرين الحجة لتحميل مسؤولية الوضع الكارثي للمدرس. وكأني بالمدرس يسير إلى حتفه بنفسه، وهذا لسببين:



1. القول أن تحسين الوضع المادي سيساهم في إصلاح التعليم، فيه تبرئة لكل الأطراف الأخرى ذات الصلة بالحقل التربوي. والحقيقة أن المأزق التعليمي هو مأزق عميق جدا، وليس صحيحا إطلاقا أن الوضع الديداكتيكي الفصلي الذي يضطلع به المدرس هو الذي يعاني الأزمة فقط. فالأزمة أرسلت إلى المدرس، وهي لها وجوه متعددة تتعلق بالبرنامج و المنهاج والتقويم والأهداف وغير ذلك، وعلى المدرس أن يرفض تعويم المشكلة وتفرق دم التعليم بين القبائل. بتعبير آخر على المدرس أن يرفض دور التمويه من حيث لا يشعر، ولا يربط ظروفه هو بوضعية التعليم، وإلى فسيكون وحده محط محاسبة عندما ينال حقوقه. وبدل ذلك، عليه أن يطالب بحقه دون أي مقايضة.



2. القول أن تحسين الوضع المادي للمدرس سيساهم في الإصلاح يعني أن الأستاذ يتعامل بما يشبه الإبتزاز، ويرهن أداءه المهني بنيله حقوقه المادية. والحقيقة هي غير ذلك. فلا أعتقد أن هناك أستاذا ما يوفر جهده لحين التوصل بحقوقه المادية، كأن يبخل على المتعلمين مثلا بما يراه نافعا لهم من معلومات وتوجيهات وأنشطة ودعم وغير ذلك، ثم إذا ما توصل بحقوقه أخرج ما في شعبته، مثل أي تاجر سلع. بل الذي يظهر أن الأستاذ حتى في حالات غضبه القصوى عندما يقرر العمل بأقل جهد ردا على ما يراه هضما لحقوقه، سرعان ما يتنازل عن قراره ذاك ويغلبه الضمير المهني وحب الخير لتلامذته.



الأستاذ يستحق كل الإكرام، ولكن إذا نال حقه، فلن يؤدي ذلك بالضرورة إلى صلاح حال التعليم، لأنه ـ أي الأستاذ يقدم أقصى ما يمكن أن يقدمه إنسان. وما سيحصل هو أن الأستاذ سيصير أكثر رضا وطمأنينة، وربما سعادة إذا كان من الذين يربطون بين المال والسعادة، لكن حال التعليم سيبقى بائسا، لأن بؤرة الأزمة لا توجد في جيب الأستاذ، وإنما في أماكن أخرى نعرفها.



بقلم: روبن هود





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق