السبت، 1 فبراير 2014

خديجة المنصوري .. مربية الأطفال التي استنفرت السفارة المصرية

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

تصف الرئيس المصري المعزول محمد مرسي بالزعيم وتضع صورته وهو يرفع شعار "رابعة" على بروفايلها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، جل تعليقاتها تحمل "إدانة" للجيش المصري بزعامة عبد الفتاح السيسي، وكتبت في أحد هذه التعليقات "كلنا رابعة حتى سقوط الانقلاب وعودة الشرعية".



هي خديجة المنصوري شابة في السادسة والعشرين من عمرها ازدادت بمدينة الدار البيضاء وانتقلت برفقة أسرتها إلى مدينة برشيد في الخامسة من العمر حيث نشأت ودرست، ظروفها الأسرية حالت دون إتمامها لدراستها فتوجهت إلى ميدان العمل مكرهة حسب ما قلته لهسبريس "إلا أني أحببت مهنتي كمربية أطفال التي جمعتني بألطف وأرق خلق الله وكنت أيضا أقوم بالدعم التربوي للتلاميذ الذين يعانون ضعفا في بعض المواد الأساسية بإحدى المؤسسات العمومية التي عملت فيها أيضا مربية طيلة 3 سنوات إذ تلقيت بها التكوينات التي أهلتني أكثر في مجالي قبل أن أنتقل إلى مؤسسات خاصة، وأستعد هذه السنة لاجتياز امتحانات الباكلوريا أحرار" تقول المنصوري لهسبريس بحماسة.



مربية الأطفال يصفها البعض من معارفها بالمتسرعة والانفعالية وهي تنكر هذه الصفة عنها حيث قالت بأن اتصالها بالسفارة المصرية "ردة فعل على تدخل هذه الأخيرة من أجل اعتقالنا نحن كمغاربة قررنا أن نشجع خلال مباريات مونديال الأندية بطريقتنا، بعد أن رفعت بمعية مجموعة من الشباب المنتمين لحزب العدالة والتنمية شعار "رابعة" حيث ستتناقل وسائل الإعلام صورتها رفقة لاعب الأهلي المصري محمد أبو تريكة المعروفة بمناصرته للإخوان المسلمين.



وتروي خديجة تفاصيل اعتقالها "حين حضورنا لمباراة السبت التي جمعت بين النادي الأهلي المصري والفريق الصيني سمح لبعض مشجعي الأهلي بإدخال صور عبد الفتاح السيسي ومنعنا نحن من إدخال شارة رابعة التي لا تمت للسياسة بأية صلة باعتبارها ذات بعد إنساني فحسب وحين تمكن بعضنا من الدخول ورفع الشارات في المدرجات تعرضنا للاعتقال وتعرض بعض من معي للضرب والشتم".



الصورة التي جمعتها باللاعب المصري وغزت صفحات الأنترنيت اعتبرتها عادية "لا أعرف لماذا أثارت كل هذا الجدل بما أنها صورة فتاة التقطتها مع لاعب ترى أنه بالزيادة عن روعة أدائه الكروي فهو يمتاز بروعة أخلاقه وأحببت أن تكون الصورة مزينة بشارة رابعة والتي بالمناسبة ليست ممنوعة بمقتضى أي قانون في بلدنا حسب علمي" تقول المنصوري، غير أن الحكومة المصرية أدخلت جماعة الإخوان المسلمين رسميا في خانة الجماعات الإرهابية واعتقلت العشرات من قياداتها بتهم الإرهاب وهو أمر يرى فيه الكثيرون سببا كافيا ليتحول شعار "رابعة" الذي ارتبط بالجماعة إلى تهمة ثقيلة.

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

المكالمة... الإدانة



لم يخطر على بال خديجة الناشطة في حزب العدالة والتنمية أن يجرها "موقفها" من الإطاحة بالرئيس المصري المعزول محمد مرسي إلى مخافر الشرطة، كما لم يكن متوقعا أن تحضا مكالمة هاتفية أجرتها شابة في عقدها الثالث لتخبر السفير المصري عن "رفضها الاعتراف بالانقلاب العسكري" بكل هذا الاهتمام من قبل الإعلام الوطني والدولي، بل أن تتحول الشابة "المتمردة" كما تحب أن تصف نفسها، إلى رمز لشعار "رابعة" الذي ارتبط باعتصامات أنصار جماعة الإخوان المسلمين أو ما بات يعرف بتحالف دعم الشرعية الرافض للإطاحة بمحمد مرسي العياط بعد أزيد من عام على انتخابه رئيسا للجمهورية العربية المصرية في أول انتخابات رئاسية بعد الإطاحة بنظام حسني مبارك في ثورة 25 يناير 2011.



"نحن مغاربة نرفض الانقلاب العسكري" هذه الجملة التي وجهتها خديجة المنصوري للسفير المصري عبر مكالمة هاتفية بعد أن صادفت رقم السفارة على الانترنيت حسبما تقول، كانت كافية لجرها إلى مخافر الشرطة حيث خضعت للتحقيق ساعات طويلة بعد أن تقدم السفير المصري في الرباط بشكاية ضدها يتهمها بتهديده، الشابة المتحمسة لا يبدو أنها نادمة على ما قامت به خاصة وأن قياديين عن حزب العدالة والتنمية أعلنوا استعدادهم دعمها رغم أن قياديين عن حزبها لا يحبذون إعلان موقفهم الداعم لها تجنبا لوضع الحزب في موقف أكثر إحراجا خاصة وانه يقود أول تجربة حكومية له في المغرب، الداعمون لخديجة يرفضون ما يصفونه "بقمع" حق مواطنة في التعبير عن رأيها بكل حرية، فما جدوى "الربيع العربي" إذا كان التعبير عن الرأي غير مسموح به حسبهم، غير أن الأعراف الدبلوماسية تحدد بشكل دقيق الوسائل المسموح بها للتواصل مع أعضاء البعثات الدبلوماسية المعتمدة في دولة الاستقبال وهي وسائل رسمية (حكومية) عدا في الحالات التي تتعلق بطلب التأشيرة واللجوء وهي بدورها مضبوطة بقواعد متعارف عليها دوليا، رغم أن القانون الدولي لا يجرم بنص صريح اتصال أشخاص بهذه البعثات، مما يجعل باب الجدل مفتوحا في قضية خديجة المنصوري.

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

ثغرات القانون الدولي



محمد بنحمو رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية وأستاذ العلاقات الدولية اعتبر اتصال مواطنة ببعثة دبلوماسية أمرا غير مقبول أخلاقيا، مضيفا أن ما أقدمت عليه المنصوري يعتبر تدخلا في الشأن الداخلي للدولة المصرية وهو أمر غير مقبول في الأعراف الدبلوماسية والقنصلية التي تحدد قنوات الاتصال بالبعثات الدبلوماسية الأجنبية في وزارة الخارجية والقنوات الرسمية، وأكد بنحمو أن القانون الدبلوماسي والقنصلي لا يجرم صراحة مثل هذه الأفعال مما يعني أن متابعة السفير المصري لخديجة المنصوري سيتم في إطار القانون الداخلي المغربي. انتماء المنصوري لحزب العدالة والتنمية جعل قضيتها تكتسي حساسية استثنائية حسب بنحمو خاصة وأن الحزب لم يعلن عن أي موقف رسمي من النظام الحالي في مصر بينما عبر الكثير من الأعضاء المنتمين له عن رفضهم لإطاحة "الجيش" بالرئيس المصري السابق محمد مرسي ممثل الإخوان المسلمين واعتبروا الأمر انقلابا عسكريا.



الحكومة المغربية عبرت عن اعترافها بالنظام القائم في مصر حاليا بقيادة "المارشال" عبد الفتاح السيسي كان آخرها إعلان وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار في حوار تلفزيوني عن إجرائه اتصالا هاتفيا بوزير الخارجية المصري وتهنئته بنجاح الاستفتاء على الدستور المصري، كما أن تبادل البعثات الدبلوماسية بين المغرب ومصر يعتبر اعترافا صريحا من الحكومة المغربية التي يقودها حزب العدالة والتنمية نفسه بالحكومة المصرية، إلا أن الكثيرين يرون في مواقف أعضاء حزب عبد الإله بنكيران الرافضة للحكومة المصرية ولو بشكل فردي وفي الوقت نفسه اعتراف الحكومة التي يقودها نفس الحزب بذات النظام ازدواجية في الخطاب، حيث سبق للحزب أن عبر غير ما مرة عن أن المواقف التي يعلنها أعضاؤه بخصوص النظام المصري لا تلزمه وهي آراء شخصية خاصة بأصحابها.



وربط بنحمو بين هذه المعطيات وبين متابعة السفير المصري لخديجة المنصوري مفسرا الأمر باحتمال توجس السفير من مواقف حزب العدالة والتنمية "الغامضة" ومحاولة لدفع الحزب إلى إعلان موقف واضح بخصوص ما يحدث في مصر، مضيفا أن لجوء السفير للقضاء سببه تكييف السفارة المصرية لما قامت به المنصوري بكونه تهديدا وتصرفا لا يحترم حرمة المكان ورموز السيادة الوطنية التي يمثلها السفير، فيما أكد بنحمو أن الدولة المغربية ملزمة بتوفير الحماية الدبلوماسية لمواطنيها في الحالات المماثلة وهو الأمر الذي ينطبق على قضية المنصوري.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق