الأحد، 2 فبراير 2014

أولاد الشعب الذين دخلوا القصر ... و«حكموا » الى جانب الملك . .أصحاب الاستحقاق .. أو ا

محمد دهنون







كيف يتم تنخيب فئات من المجتمع من طرف السلطة السياسية ، و ماهي القنوات التي تمر منها لإنتاج ما يمكن تسميته ب «الزبدة» ...!

في المغرب و على مدار عقود طويلة من التراكمات الدولتية .. كانت السلطة وفية لمسارب الإنتاج و إعادة الإنتاج ، و الكل يتم كتغييرات من داخل الاستمرارية .. في هذه الورقة خلاصات و استنتاجات لأهم الكتابات و التحاليل التي تناولت موضوع النخبة في بلاد المغرب الأقصى ، صعودا و هبوطا و ارتباطا بأعقد السياقات و تداعياتها على الحياة السياسية و الوطنية ..

لقد درج مالك السلطة السياسية في إعداد النخب التي ستشتغل على استراتيجيته في الحكم .. تفعيلا و تنزيلا على احترام معايير صارمة في الاختيار و الاستقطاب و حتى الترويض .. هذا إذا لم نرد الحديث عن الابتلاع و التهجين و التدجين .. السنوات الأولى للاستقلال حسمت السلطة السياسية الحاكمة بالمغرب في طريقة إنتاج أدوات و بنيات سياسية و اجتماعية تم توظيفها كآليات للشرعنة، و الهدف كان محصورا و واضحا لا يرمي سوى لتشغيل النظام السياسي و التحكم فيه انطلاقا من تصورات و توجهات تعضد هذا المنحى ، و النتيجة كانت إفراز فئة اجتماعية وظفت و تم استخدامها و تهييئها للقيام بدور المساندة المطلقة نظير الاستفادة من الامتيازات و الخدمات التي يوفرها النظام .. هذه الفئات المستقطبة تحولت داخل وضعية الإدماج هاته إلى نخب قريبة من صناعة القرار .. تنفذ تفاصيله و مراميه لكن ليست بالضرورة .. جزءا من صناعة القرار.

إذ .. حسب باحثين مغاربة .. فإن النظام السياسي أفرز منذ سنواته الأولى ، بعد الاستقلال أقلية أو «أقليات استراتيجية» من المغاربة الذين يستطيعون التدخل في عملية توزيع منافع الدولة و فرض مطالبهم من خارج القنوات المؤسساتية للنظام .. يسندهم في ذلك أصحاب النفوذ و شبكات الأتباع ، و كانت الثروة و التعيين مقاييس حاسمة في طريقة الوصول و الانضمام إلى مجتمع النخبة ، هاته الفئات الاجتماعية المحظوظة إضافة إلى روح العشائرية التي كانت تحكم تفكيرها و سلوكها .. أخذت في التوسع عن طريق المصاهرة و النسب للوصول إلى مربع الزعيم .

الإنتاج التقليدي للفئات المساندة للسلطة ووجه بنخبة أخرى سليلة و وريثة الحركة الوطنية تصارع و تدافع عن رؤية عصرية لتدبير السياسة و الدولة معا ... و رغما عن كل هذا ظل «الستاتيكو» في مكانه بدون متغيرات .. !!

اختيارات السلطة السياسية كانت مضبوطة ، استقطاب أبناء العائلات المخزنية العريقة ، الاعتماد على خريجي المدرسة المولوية و أصدقاء الملك كان عاملا محددا في «توفير» النخبة التي ستتقلب في دواليب الدولة و داخل المسؤوليات الرسمية.. كل هذا أعطى فئة تنتصر إلى الحقيقة التقنية دون غيرها ، و هو ما يسميه الباحثون بالنخبة التقنوقراطية التي تطورت من فئة بسيطة تمارس التسيير الإداري إلى نخبة لقيادة العمل الحكومي و تصريف اختيارات الدولة ، التقنواقراط يعنون فيما يعنون.. الحداثة ، العلمية ، العصرنة ، لكن في الحالة المغربية الأصول و العلاقات الاجتماعية المغرقة في التقليدانية كانت هي المتحكم الوحيد في السلوك التقنوقراطي. الخلاصة.. هو إفراز قاعدة جديدة تسمى نخبة .. هذا فيما سبق.. حيث كان حصر موضوع التنخيب و الانتقاء مرتبطة بالسلالة فالمال ثم الرضا المخزني .. كما اهتدت إلى ذلك الباحثة المتميزة أمينة المسعودي .. لعبت هذه الخطاطة دورا حاسما لدى هذه الفئة و في علاقتها مع السلطة .. قبل أخذ طريقها نحو القمة..!

التنخيب في العهد الجديد لم يتخل عن كل القديم .. بقي الأصل و المال و الرضا الشريف كمحددات مركزية .. لكن أرفق ذلك بانفتاح مواز واسع على أبناء الشعب الذي كان يعتبره بعض من ذوي العقليات الممخزنة .. العامة و سوقة الناس الذين لا يجدر بهم الوصول إلى «الأعتاب الشريفة» و «السدة العالية بالله» ..هذا العالم لم يخلق لهم و لن يكونوا فيه أبدا.

اليوم لم تعد المدرسة المولوية مشتلا لتخريج النخبة التي ستعمل بجانب الملك ، و لم تعد العائلات التقليدية وحدها خزانا لرجالات الدولة ، و لم يعد الجاه و النفوذ المالي محددا فريدا و وحيدا في الاختيار و الاستقطاب .. السلطة السياسية و بانفتاح حقيقي يمتح من «المفهوم المتجدد للسلطة» الذي يتبناه الملك محمد السادس ..قامت باستقطاب أطر لتقلد مناصب عليا في الدولة ، تتمتع بتكوين عصري و خريجة جامعات دولية، و قادرة على الذهاب طويلا و بعيدا داخل معمعان السلطة دون التأثر بضربات القدماء و خاصة .. أصدقاء القسم ..!

إلى حد ما .. و من منظور أعمال أكاديمية ، فإن موضوع التنخيب في المغرب و خصوصا داخل بنيات الدولة ، أصبح التعامل معه لا يتم فقط عبر القنوات التقليدية.. بل بدأ ينحو باتجاه دمقرطة الاختيار دون أن تكون المحددات السابقة الكلاسيكية عائقا استراتيجيا أمام نفس هذا الاختيار .

خلاصة ..



هل يمكن القول أن موضوع التنخيب المرتبط بالتقليدانية كوسيلة حكم للنظام السياسي قد تخلت عنه السلطة السياسية الحالية .. هل يمكن الحديث اليوم عن اختيارات جديدة لنفس هذه السلطة مبنية على العقلانية و الحداثة في دعم و تقوية النسق المؤسسي الحالي الممهور بمقولات قانونية تتخلص من جزء من القديم دون تركه كلية .. الحيز ضيق و الكتابات التي أنجزت في هذا المجال .. واتربوري ، العروي ، أكنوش ، أمينة المسعودي ، شقير ، ريمي لوفو .. ما تزال تمتلك راهنيتها و وجاهتها ، الصرامة العلمية و التفكيك العالم للسلوكات داخل نخبة النظام .. تكفي لفهم الميكانيزمات المؤسسة لصناعة النخبة داخل المغرب .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق