عندما يموت الفعل النقابي وسط العفن الحزبي بقلم الاستاذ جابر المحجوب
أضيف في 27 شتنبر 2014 الساعة 29 : 22
ذ/ المحجوب جــــابر
لقد أصبحت الأحزاب والنقابات في وطني ، تقتات من المتاجرة في خبزنا، في صحتنا، في يومنا وغدنا، كما تقتات مما يجود به الزمان من سقط المتاع وعلف البهائم ، المتناثر من موائد الحكومة في حواراتها المشروطة ، تحت يافطة الحوار الاجتماعي المغشوش ، تحاور أطرا شاخت وترهلت، وصارت خاوية على عروشها، زعامات من ورق مقوى، لا يكاد يجاوز رصيدها النضالي بيانات يتيمة يسوغها أصحابها في مكاتب مغلقة بعيدا عن الجماهير الشعبية ، التي ما غدت تثق فيمن صفقت له بالأمس القريب، ليكافح معها حتى يخلصها من براثن الفقر والجوع والمرض، الذي ينخر أجساد المسحوقين من أبناء هذا الوطن ... والوطن للجميع كما نسمع في قولة مشهورة. لكننا وجدنا الدين لله و الوطن .. مسروقا حتى إشعار آخر .
ما أقبح أن يعيش المرء في وطن مسروق ، نموت جوعا ويشبع الوطن .
فأينك يا وطني لنجوع من أجلك ؟ وهل شبعنا يوما كي نجوع ؟
ها نحن هنا ، ننتظر الوطن منذ سنين يا سادتي . مات الآباء وهم ينتظرون، وكان الأمل يحذوهم أن يصل الوطن ليحظوا بمعانقته ، لكنهم ماتوا وتركونا في غرفة الانتظار ، أخذنا مكانهم منذ زمن بعيد ، وورثنا عنهم الإتتظار ... فمتى تصل الينا يا وطني ؟ أم سنترك أبناءنا بدورهم ينتظرون ؟
آه .. يا وطن الذئاب الشائخة ، عفوا بل يا ذئاب وطني المسروق ، لم نفكر يوما أنكم ستلتهمون حتى الأمل الذي خبأناه في أنفسنا . وتجعلون منا نعاجا تبحث عن مرعى آمن، فلم تجد الا البحر ملاذا لها، فغرقت المراكب قبل أن تصل البر الآخر. كم أغرونا بك وقالو إن أرضك معطاءة ، لكننا لم نأخذ عطاء منك يا وطني ، لم نأكل من أرضك غير قليل من فتات تقاسمناه مع قطط الليل البهيم ، وكلاب ضلت طريقها في يوم عاصف ، بين أزقتك المهجورة يا وطني . لم يكن حظنا منك غير احتراق نفسي وكأننا شموع ضريح تآكلت جدرانه بفعل مسح الأيدي وصراخ المجانين. ووميض برق كان يخطف أبصارنا، كي لا نراهم يسرقونك، وغيبونا دهرا ليأكلوا جسدك ويمتصوا عظامك يا وطني ، وحين كانوا يرمونها مهشمة، نتسلل ليلا لنسقيها لعابا ينساب من أفواهنا الجوعى ، لتنبت من جديد يا وطني، هل نجوع ليأكل الوطن ؟ أم نموت ويحيى الوطن جائعا ؟
لقد أخذوا كل شيء ولم يتركوا لنا الا الهواء يا وطني ، أرجوك ، قل لهم أن يتركوا لنا الهوا ء ، فإننا لا نحسن التنفس تحت الماء ، لقد نهبوا أرضك وعاثوا في سهولها وجبالها وبحارها حتى رمالها فسادا، ثم أطلقوا الخنازير تأكل ما تبقى ، لقد أكلونا مع أرضك يا وطني .
الزعيم يا وطني، منافق من العيار الثقيل، يدعو بدعوة وينقلب عليها تحت جنح الظلام في غفلة ممن منحوه تفويضا، ويظهر ظاهرا ودودا وديعا، ويضمر نفاقا، وحقدا على كل من يكشف القناع عن تلك الدمى المتحركة بجهاز التحكم عن بعد، ويجهر بحقيقة أدعياء النضال. ذلك النضال الذي أفرغ من محتواه وأصبح عبارة عن خارطة طريق إلى كرسي أو منصب بدون كرسي حتى، والى التزلف الى السلطة على حساب الجماهير الكادحة من عمال وطلبة وفلاحين ومعطلين وعموم الكادحين.
ليت الزمان يعود يوما فأحكي له ما فعل الزعيم .. لقد تاجر الزعيم يا زمان بلقمة عيشنا وباع الضائعين والمخدوعين من أبناء وطني المسروق بثمن بخس في صفقة بين مشتر فطن وبائع شاطر. أين الصمود الذي كان يغذي أرواحنا نبلا وايمانا لتتكسر القيود حول معاصمنا ؟ أين الطريق التي كنا نسلكها من الاحتجاج المسؤول إلى التصعيد المزلزل الذي يقلب موازين القوى ويربك القابعين فوق جماجمنا والجاثمين على صدورنا .
... في هذا الزمن الرديء بكل ما تحمله الكلمة من معنى ... أضحى فيه أسلوب النفاق والسمسرة والتآمر، سلعة رائجة تذر أرباحا كبيرة، وسوقا قائمة يعتلي منابرها منافقون في السياسة، ودجالون يبيعون الوهم والكذب للناس ، وهل هناك أقبح من بيع الضمائر والأصوات، ولكن أنذل من ذلك، أن يقول المرء ما لا يفعل أيها المتآمرون على قوتنا : ( كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون . ) .
لقد دجنوا فئة عريضة من المسحوقين والظرفاء من عموم الشعب والشغيلة، وتحزموا بصفوف من المنبطحين على بطونهم في مزبلة العلة النقابية والسياسية والإمعية الساذجة ، واستقووا على الشرفاء بولاءات العبيد ، واللاعقين الأحذية الغارقة في وحل المؤامرة ...
هلا سرقتم الأرض وتركتم الوطن لنا ؟ ففي الوطن ننشئ أرضا ونبذر فيها زرعا نصنع من عجينه خبزا لنا، ومومياء تذكرنا بأيامكم .
قال الشاعر :
لا تأسفن على غدر الزمان لطالما = رقصت على جثث الأسود كلاب
فالتائهون بين الأحزاب والنقابات مغفلون، جعلت الزعامات الورقية من ظهورهم جسورا، يمرون عليها الى ما تعلمون وتشاهدون أمامكم يا سادتي .
وإلى أن ألقى وطني المسروق... في انتظارنضالكم المستمر لاسترجاعه وعودته الينا ....
في انتظار يوم يأتي أو لا يأتي... سلام عليك يا وطني.
أضيف في 27 شتنبر 2014 الساعة 29 : 22
ذ/ المحجوب جــــابر
لقد أصبحت الأحزاب والنقابات في وطني ، تقتات من المتاجرة في خبزنا، في صحتنا، في يومنا وغدنا، كما تقتات مما يجود به الزمان من سقط المتاع وعلف البهائم ، المتناثر من موائد الحكومة في حواراتها المشروطة ، تحت يافطة الحوار الاجتماعي المغشوش ، تحاور أطرا شاخت وترهلت، وصارت خاوية على عروشها، زعامات من ورق مقوى، لا يكاد يجاوز رصيدها النضالي بيانات يتيمة يسوغها أصحابها في مكاتب مغلقة بعيدا عن الجماهير الشعبية ، التي ما غدت تثق فيمن صفقت له بالأمس القريب، ليكافح معها حتى يخلصها من براثن الفقر والجوع والمرض، الذي ينخر أجساد المسحوقين من أبناء هذا الوطن ... والوطن للجميع كما نسمع في قولة مشهورة. لكننا وجدنا الدين لله و الوطن .. مسروقا حتى إشعار آخر .
ما أقبح أن يعيش المرء في وطن مسروق ، نموت جوعا ويشبع الوطن .
فأينك يا وطني لنجوع من أجلك ؟ وهل شبعنا يوما كي نجوع ؟
ها نحن هنا ، ننتظر الوطن منذ سنين يا سادتي . مات الآباء وهم ينتظرون، وكان الأمل يحذوهم أن يصل الوطن ليحظوا بمعانقته ، لكنهم ماتوا وتركونا في غرفة الانتظار ، أخذنا مكانهم منذ زمن بعيد ، وورثنا عنهم الإتتظار ... فمتى تصل الينا يا وطني ؟ أم سنترك أبناءنا بدورهم ينتظرون ؟
آه .. يا وطن الذئاب الشائخة ، عفوا بل يا ذئاب وطني المسروق ، لم نفكر يوما أنكم ستلتهمون حتى الأمل الذي خبأناه في أنفسنا . وتجعلون منا نعاجا تبحث عن مرعى آمن، فلم تجد الا البحر ملاذا لها، فغرقت المراكب قبل أن تصل البر الآخر. كم أغرونا بك وقالو إن أرضك معطاءة ، لكننا لم نأخذ عطاء منك يا وطني ، لم نأكل من أرضك غير قليل من فتات تقاسمناه مع قطط الليل البهيم ، وكلاب ضلت طريقها في يوم عاصف ، بين أزقتك المهجورة يا وطني . لم يكن حظنا منك غير احتراق نفسي وكأننا شموع ضريح تآكلت جدرانه بفعل مسح الأيدي وصراخ المجانين. ووميض برق كان يخطف أبصارنا، كي لا نراهم يسرقونك، وغيبونا دهرا ليأكلوا جسدك ويمتصوا عظامك يا وطني ، وحين كانوا يرمونها مهشمة، نتسلل ليلا لنسقيها لعابا ينساب من أفواهنا الجوعى ، لتنبت من جديد يا وطني، هل نجوع ليأكل الوطن ؟ أم نموت ويحيى الوطن جائعا ؟
لقد أخذوا كل شيء ولم يتركوا لنا الا الهواء يا وطني ، أرجوك ، قل لهم أن يتركوا لنا الهوا ء ، فإننا لا نحسن التنفس تحت الماء ، لقد نهبوا أرضك وعاثوا في سهولها وجبالها وبحارها حتى رمالها فسادا، ثم أطلقوا الخنازير تأكل ما تبقى ، لقد أكلونا مع أرضك يا وطني .
الزعيم يا وطني، منافق من العيار الثقيل، يدعو بدعوة وينقلب عليها تحت جنح الظلام في غفلة ممن منحوه تفويضا، ويظهر ظاهرا ودودا وديعا، ويضمر نفاقا، وحقدا على كل من يكشف القناع عن تلك الدمى المتحركة بجهاز التحكم عن بعد، ويجهر بحقيقة أدعياء النضال. ذلك النضال الذي أفرغ من محتواه وأصبح عبارة عن خارطة طريق إلى كرسي أو منصب بدون كرسي حتى، والى التزلف الى السلطة على حساب الجماهير الكادحة من عمال وطلبة وفلاحين ومعطلين وعموم الكادحين.
ليت الزمان يعود يوما فأحكي له ما فعل الزعيم .. لقد تاجر الزعيم يا زمان بلقمة عيشنا وباع الضائعين والمخدوعين من أبناء وطني المسروق بثمن بخس في صفقة بين مشتر فطن وبائع شاطر. أين الصمود الذي كان يغذي أرواحنا نبلا وايمانا لتتكسر القيود حول معاصمنا ؟ أين الطريق التي كنا نسلكها من الاحتجاج المسؤول إلى التصعيد المزلزل الذي يقلب موازين القوى ويربك القابعين فوق جماجمنا والجاثمين على صدورنا .
... في هذا الزمن الرديء بكل ما تحمله الكلمة من معنى ... أضحى فيه أسلوب النفاق والسمسرة والتآمر، سلعة رائجة تذر أرباحا كبيرة، وسوقا قائمة يعتلي منابرها منافقون في السياسة، ودجالون يبيعون الوهم والكذب للناس ، وهل هناك أقبح من بيع الضمائر والأصوات، ولكن أنذل من ذلك، أن يقول المرء ما لا يفعل أيها المتآمرون على قوتنا : ( كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون . ) .
لقد دجنوا فئة عريضة من المسحوقين والظرفاء من عموم الشعب والشغيلة، وتحزموا بصفوف من المنبطحين على بطونهم في مزبلة العلة النقابية والسياسية والإمعية الساذجة ، واستقووا على الشرفاء بولاءات العبيد ، واللاعقين الأحذية الغارقة في وحل المؤامرة ...
هلا سرقتم الأرض وتركتم الوطن لنا ؟ ففي الوطن ننشئ أرضا ونبذر فيها زرعا نصنع من عجينه خبزا لنا، ومومياء تذكرنا بأيامكم .
قال الشاعر :
لا تأسفن على غدر الزمان لطالما = رقصت على جثث الأسود كلاب
فالتائهون بين الأحزاب والنقابات مغفلون، جعلت الزعامات الورقية من ظهورهم جسورا، يمرون عليها الى ما تعلمون وتشاهدون أمامكم يا سادتي .
وإلى أن ألقى وطني المسروق... في انتظارنضالكم المستمر لاسترجاعه وعودته الينا ....
في انتظار يوم يأتي أو لا يأتي... سلام عليك يا وطني.
هذا الموضوع منقول من :: منتديات دفاتر التربوية :: يمكنك زيارته في اي وقت للاطلاع على مواضيعه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق