الاثنين، 29 سبتمبر 2014

قطيعتهم . . شر لابد منه



منذ زمن , كانوا منا , يأكلون طعامنا ويحمدون الله عليه , ويمشون في أسواقنا ويتاجرون نفس تجارتنا ,ويرتدون نفس هندامنا . كانوا ينتظرون الشتاء , ويرفعون رأسهم للسماء , ويصلون الاستسقاء , ويرددون :تاغنجا تاغنجا ياربّي تصب الشتا , وكانوا يفرحون للصابة ويقولون : العام زين . .



لازالوا يأكلون طعامنا , ويمشون في أسواقنا , ولازال هندامهم هو هندامنا . وأحيانا وربما دائما يرتادون المسجد , ويصلون التراويح , ويحضرون صلاة عيد الفطر مرتادين الجبادور أو الضراعية والبلغة الصفراء . .ويصومون الست من شوال , ويغتنمون العشر الأوائل من ذي الحجة مشاركة لذويهم , وينحرون يوم عيد الأضحى . ويشاركونا أفراحنا ويمشون في جنائزنا . . هذا لأنهم في الأصل منا . فآباؤهم لم يهودوهم ولا نصروهم ولا مجسوهم . . انما كتبوا في اللوح المحفوظ أشقياء بسبب اصرارهم على اختيارهم لآخر لحظة ,واغترارهم بحضارات ماوراء البحر . فالانسان مخير لامسير , وليس الله بظلام للعبيد . .



هكذا بدأت تتضح لنا معالمهم , وبتنا نعرف أنهم لم يعودوا من بني جلدتنا حين غيروا جلدهم واستبدلوه بجلد غيرهم . واذا رأينا أسنانهم بارزة فلا نحسبهم يبتسمون . واذا ألقوا التحية ندرك جيدا أنها نفس تحية اليهود للنبي عليه الصلاة والسلام : ( السّام عليكم ) . .

كانوا يتناجون بينهم ويسرون النجوى بالاثم والعدوان تقية , ريتما تسمح الفرصة , متدبدبين بين اخواننا وشياطينهم , تأخذهم العزة بالاثم بمشاركتنا أحاديثنا . فأحيانا , يضربون كفا على كف ويضغطون أسنانهم من جراء حملة قصف من عدوان صهيوني أو نظام معتوه جائر , في بلاد الشام أو العراق . وأحيانا يأتوننا بأخبار عن المقاومة الفلسطينية دون أن يهللوا أو يعبروا عن فرحتهم . .



أحيانا يقدسون ميثاق الزوجية , ويرددون نفس كلامنا عن الفضيلة والرذيلة , وفي أمكنة أخرى وفي نفس السياق يعلنون تفهمهم للمثليين , ولا ينكرون السحاق واللواط .

أحيانا يأتون بآيات قرآنية تخرج من أفواههم دون صدورهم , ويذكرون أحاديث نبوية يختمونها بقول :صلى الله عليه وسلم , انما ضمن حديث فاجر أو بجانب صورة خليعة أو فيديو فاحش عبثا بالدين , أو محاولة لاصطياد فريسة من اللواتي بدت لهم صيدا مختلفا زاده حلاوة استعصاؤها , وزادهم تمنعها وخيبتهم اصرارا على الصيد في غياب الحراس , ولو كان اليوم جمعة أو الشهر شعبان أو حتى رمضان . . دون أن يخشوا شيئا من نوائب الزمان وغضب الحسيب الرقيب , وهم متأكدون أنهم لن يصيروا قردة أو خنازير

كأصحاب السبت . .



لكن الزمن دوار , وهناك منهم من بات ذكاؤه المؤقت أضخم من اللازم , كي لايضيع فرصة نكستنا وابتلاءاتنا , فباتوا يعلنون جهرا حاجة المجتمع لكل ما شذ عن الفطرة السليمة , كالمطالبة بالاعتراف الرسمي بمهن الذعارة وتقديم خدمات الجسد بمقابل , من أجل حل المشاكل الاقتصادية , وسموا بمجتمعنا الى مستوى يرقى الى المجتمعات الغربية في مجال الحريات .

ويطالبون بحرية افطار رمضان دون تستر , وحرية الردة وحرية ربط علاقات خارج اطار الزوجية , بشرط تراضي الطرفين . وما المانع أن يشمل هذا اطار الزوجية أيضا ؟ وماذا لو امتلأت دور رعاية الطفولة باللقطاء والمتخلى عنهم ؟ وما الذي سيتغير في المجتمع ان صار غالب أطفاله أبناء خطيئة كتب لهم ألا يعيشوا في كنف طبيعي : أسرة , أم وأب ؟ لأن الأصل في الأمر مجرد نزوة لابد ان تعرف دينامية من هنا لهناك , حتى لاتصاب مكتسبات الحرية بالتراجع والاضطهاد , فحق الوالدين في نزوة مقدم على حق الأبناء

في وسط طبيعي قننه الشارع وحماه من الغير . .



باتوا يقتحمون الغرف الصوتية ويختبؤون خلفها ليطرحوا أفكارهم بغباء عن عدم وجود الاله وعن مادية الحياة , وعن غباء المسلمين وتعلقهم بحياة أخروية لايعرفون عنها شيئا الا النقل , ولا يملكون أدلة عقلية على وجودها , ظانين أنه لايوجد من هؤلاء _المسلمين_ الا الدراويش الذين لم يدرسوا قط علوم الرياضيات والهندسة والاقتصاد والفلك والكيمياء واللغات . . وعندما يحاصرهم أحد هؤلاء الدراويش ويوصلهم الى الباب المسدود , يتنصلون بطريقة ما , كأن يدعوا أنهم مشغولون وليس لديهم وقت . وان كان المحاور أنثى حمقاء من الدراويش , تمكنت هي الأخرى من محاصرتهم , يجبرونها على الانسحاب بعد تلويث سمعها بالكلام النابي القذر . .



باتوا ينشرون بوقاحة منقطعة النظير صفحاتهم على الفيس بوك وفي الجرائد الرخيصة , ويكتبون يوميات

يحصدون منها شهرة مخزية دون اخفاء أسمائهم أو استبدالها بأسماء مستعارة , ان لم يكن من أجلهم , فعلى الأقل من أجل تجنيب أقربائهم الخزي والعار . فيكتبون في كل صبيحة عن مغامراتهم الليلية الفقيرة

التي لاترقى الى تطلعاتهم , فيلعنون ويسبون العاهرات والباطرونات , وأحيانا يلعبون دور النبلاء حين يعبرون عن شفقتهم على البائسات منهن , وأحيانا يدعون النقاء وينتقدون الوضع كله ويصفونه بالوسخ , منكرين أنهم هم أكبر حلقة وأهمها شكلت هذا الوسخ , حين تخلوا عن مسؤولياتهم تجاه أمهاتهم وأخواتهم وحتى زوجاتهم . .



يتوخون الاثارة والتشويق وهم ينقلون الى قرائهم ومعجبيهم كيف رق قلبهم وانفطر على الوالدة المسكينة , حين ضبطت أحدهم يتناول الرايب خلسة في نهار رمضان , أو يحاول سرقة نقود من صرتها

ليسد بها حاجته لليلة حمراء متواضعة , وكيف أخذت المسكينة تلطم وتولول في هستيريا حين ضبطته

يداعب البغلة ويسلي نفسه بها ريتما تهل شآبيب رحمة ويغفل أبوه عن صرفه , بل أوراقه التي كد وتشقق رأسه تحت الشمس وهو يكمل ما نقص من الغيث ليروي الأرض مما توفر , ليضرب "ضربة صحيحة" يغادر بها الدوار لأيام أو بضع شهور , في اتجاه البلدة ولم لا المدينة , ليؤدي شعائر جسده ومناسك غريزته , فتكتمل مثاليته الحيوانية . .



لكن من هؤلاء من لازال يسخط ويلعن في هذا الوضع , ولم يصل بعد الى هذه الدرجة من الحيوانية ,

ولازال يعرف ربه , ولا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يستسيغ لمجتمعه هذا الشذوذ وهذه الفوضى التي تسير شيئا فشيئا في اتجاه التنظيم . فسنوات طفولته ومروره بالمسيد والسلكة , وحب والديه وتعلقهما

بالملك والوطن قبل الاستقلال وبعده , ومشاركته هو أو هما في طرد المستعمر واسترجاع الصحراء , كل هذه الأشياء التي لازالت منقوشة في الذاكرة , تحجب الرؤية عنه , وتجعل على عينيه غشاوة , وهو لايكاد يبصر أنه يسير في اتجاه هؤلاء الضلاليين , وهو يمضي يعلن كراهته لكل ما يأتي ممن أسماهم "الاسلامويين" , فبات يسيل لعابه لكل خبر عن اخفاقاتهم وسياساتهم الفاشلة في نظره , وبات لايتوانى

عن التهكم عليهم والتحريض ضدهم , حتى وصل به الأمر الى تفضيل حكم العسكر الانقلابي على حكم

أولئك الذين اعتبرهم شياطين لايقدمون شيئا سوى استغلال الدين لغبن أغبياء المسلمين . وكم كان الحظ محالفه حين ابتلانا الله بدجاجة بكامونها تسمى "داعش" لينسبها الى أصحاب اللحي دون تفريق بينهما , ليعتبر هذا الثثار الداعشي الحلقة الناقصة للحكم على الاسلام بالاعدام . .

والحاصل , بات كل ما يمت بصلة للاسلام والاسلاميين يقض مضجعه , ويثير عزيمته لمحابتهم وتشويه صورتهم ولعنهم في كل المناسبات , والدعوة والتحريض على الاطاحة بهم .



ولأننا نحن لاندري نهاية طريق هؤلاء الأخيرين التي من الممكن جدا أن تكون نفس طريق الأولين ,

أي الضلاليين الشواذ , ماداما معا يشتركان في استعداء الاسلاميين وكراهة حكمهم , والعمل حتى الموت على تنحيتهم ,

ولأننا لسنا متأكدين من اختيارهم ان أجبروا في زمن ما وفي لحظة تاريخية فارقة على تحديد انتمائهم

وهو احد أمرين : نحن أو شركاؤهم في الهدف ,

ولأن الزمن وأحوالهم جعلونا نرى بوضوح كيف يجرون الحبل فقط لجهتهم وبشدة , بينما نحن نرخيه طلبا للتعايش والسلم , وايمانا بالاختلاف والحوار والديموقراطية , وثقة في المبادئ الانسانية والكونية التي من المفروض أن نجتمع علياها جميعا , والتي ينسبونها اليهم ويدعون أنهم يقدسونها أكثر منا ,

ولأن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم , وبالتالي سيدعهم في طغيانهم يعمهون ,



نقول لهؤلاء الأخيرين , آسفون . . قطيعتكم شر لابد منه , وأنتم من اختار . والا سينطبق علينا قوله تعالى :



بسم الله الرحمن الرحيم لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوآدّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو اخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا ان حزب الله هم المفلحون . المجادلة .



بقلم :زهرة الثلج






هذا الموضوع منقول من :: منتديات دفاتر التربوية :: يمكنك زيارته في اي وقت للاطلاع على مواضيعه






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق