الاثنين، 28 يوليو 2014

نيابة الصخيرات تمارة: أطر التوجيه والتخطيط التربوي والواقع المر..


نيابة الصخيرات تمارة..





أطر التوجيه والتخطيط التربوي والواقع المر..





حسن أحراث



يعيش أطر التوجيه والتخطيط التربوي بنيابة الصخيرات تمارة (أكاديمية الرباط سلا زمور زعير) وضعا استثنائيا. فإلى جانب التهميش المطلق للعديد من الطاقات، هناك الحيف في تقدير مجهوداتهم وعطاءاتهم المتميزة.

ويتجلى التهميش بالدرجة الأولى في عدم إشراكهم في تدبير المجال التربوي ومواكبته، إلا في حالة اللجوء إليهم كإطفائيين (برنامج "مسار" إبان الاحتجاجات التلاميذية بالمؤسسات التعليمية وبرنامج دعم تدبير المؤسسات التعليمية بالمغرب PAGESM ...). ومصدر هذا التهميش بالأساس هو أولا غياب الإرادة في تجاوز الاختلالات القائمة عبر إشراك مختلف الفاعلين والمهتمين، خاصة الجمعيات المهنية، وثانيا عدم وجود أوراش تربوية فعلية من شأنها خلق الإشعاع المشرف وتحقيق النتائج المرضية والمردودية القوية. علما أن أطر التوجيه والتخطيط التربوي بالنيابة (مستشارين ومفتشين) مافتئوا يؤكدون على استعدادهم للانخراط في كل العمليات التربوية سواء على الصعيد المحلي أو الجهوي أو حتى المركزي. وقد أبانوا عن مؤهلات عالية في العديد من المناسبات، من بينها التكوينات التي شاركوا فيها والتدخلات التي ساهموا فيها. ولا يخفى أن عدم إشراك هذه الطاقات يعتبر مؤشرا على ضعف تدبير الرأسمال البشري وبالتالي تكريس نوع بائد من العلاقات قائم على معيار الانصياع وتطبيق التعليمات والأوامر، بعيدا عن الأسس الديمقراطية وعن روح الاجتهاد والابتكار والتفاعل الإيجابي مع المستجدات والمتغيرات السريعة التي يعرفها الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي ببلادنا. وقد ترتب عن ذلك كله ارتباك غير مفهوم ووضع غير منصف وغير عادل فيما يتعلق ببعض المستحقات، من بينها تعويضات ملاحظة البكاولوريا وتعويضات أخرى عن المهام الإضافية...

ويعود جذر هذه المعضلة الى كون جل، إذا لم نقل كل النيابات الإقليمية لوزارة التربيةالوطنية والتكوين المهني، وكذلك الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، تشتغل بدون بوصلة تربوية معلنةودقيقة (بدون خطة، بدون استراتيجية...)، والتي من المفروض أن تكون (في بلدديمقراطي) مستمدة من التصور السياسي للحزب المسؤول عن القطاع في إطار الانسجامالحكومي العام، كآلية أو وثيقة تعاقدية تقوم عليها المحاسبة. وأصل المشكل ببلادناهو أن المسؤول الحزبي بأي قطاع لا يملك تصورا للقطاع الذي يديره ويشرف عليه. والأخطر حتى في حالة وجود هذا التصور أو ما يشبهه لدى حزب من الأحزاب، فليس لديه مايكفي من الطاقات والصلاحية أو السلطة الدستورية، ولا حتى الجرأة، لاعتماده أوتطبيقه. وحتى "التصورات" المقدمة من طرف مديري/مديرات الأكاديميات والنواب/النائباتإبان ترشيحاتهم /هن، لا يمكن إلا أن يطويها النسيان وأن تتلاشى على رفوف المكاتب. ومن بين ما يفضح هذه الحقيقة المرة، التنقيلات العشوائية في صفوف النواب والنائباتومديري ومديرات الأكاديميات، حتى ولو بقي في عمرهم/هن المهني سنة واحدة أوسنتين!! دون نسيانالتبعات الخطيرة إبان الاختيار والتعيين للولاء السياسي الذي يطعن في الصميم عناصرالكفاءة والمصداقية والاجتهاد..

وهنا يكمن عمق الإشكال السياسي ببلادنا، حيثيصير المسؤول الحكومي (الوزير) موظفا "ساميا" يدبر سياسة تعليمية طبقية مملاةومسطرة قبلا، وبما يضمن استمرارية (إعادة إنتاج) نفس الأوضاع الاقتصاديةوالاجتماعية والثقافية ويحافظ على الأهداف التي تخدم النظام السياسي القائم، ولوتكن "مناقضة" لتوجهات الحزب. علما أن توجهات الأحزاب المنخرطة في "اللعبة السياسية" نادرا ما تكون غير منسجمة مع توجه النظام القائم، حيث يتم اختيارها على هذاالأساس بالضبط (عامل الانسجام والقدرة على الطاعة والتنفيذ). وما بالك إذا كان الوزير واحدا من وزراء "السيادة"؟! كما أن الحديث عن غياببوصلة تربوية لدى الأكاديميات الجهوية والنيابات الإقليمية لا يعني الارتماء فيالمجهول. إن المقصود هو التغييب/الإخفاء المقصود لهذه البوصلة واعتماد العمومياتوالارتجال والعشوائية "المنظمين"، وبالتالي فتح المجال أمام التعليمات (الشفهية فيجزء كبير منها) والتدبير التقني اللحظي للشأن التربوي والإداري بغاية التحكم في مداخلهومخارجه، بعيدا عن أي التزامات مسؤولة وشفافة من شأنها فتح مجال التقويم والمحاسبة(ربط المسؤولية بالمحاسبة). ويبقى الجوهر الذي يفرض تسييده مستمدا من التعليماتالمباشرة وغير المباشرة للمؤسسات المالية الأجنبية (صندوق النقد الدولي والبنكالعالمي...). وهو ما تجسد بشكل بديع في الميثاق الوطني للتربية والتكوين وفي نسختهالمحينة البرنامج الاستعجالي (2009-2012)، الخلفية غير المعلنة والموجهة للسياسةالتعليمية بالمغرب.

إن النيابات الإقليمية تسهر فقط على (تتخبطفي) تدبير المشاكل الإدارية التقنية وبعقلية أمنية تحكمية (المقاربة الأمنية)، خاصةبعد تجريدها من "إصلاح" الى آخر، من العديد من الصلاحيات والإمكانيات لفائدةالسلطات الجهوية والمركزية. وتقوم في أحسن الأحوال بدور ساعي البريد في علاقتهاالمكوكية بالأكاديميات من جهة، وبالمؤسسات التعليمية من جهة أخرى، سواء من خلالالمراسلات (المذكرات) أو اللقاءات (الاجتماعات) الماراطونية الروتينية. ولأنالمشاكل الإدارية التقنية لا تنتهي وكذلك البروتوكولات الرسمية (العلاقة مع السلطةبالخصوص)، فلا مجال للحديث عن البحوث والدراسات والمناظرات والتكوينات واللقاءاتالتواصلية (...). ولا مجال للحديث أيضا عن البرمجة والتشخيص والمتابعة والتقويم.. وقد يتساءل العديد من نساء ورجال التربية والتكوين عن أشياء كثيرة، وفي مقدمتها مآلبيداغوجية الإدماج (Xavier ROEGIERS) وعن الدفتر السحري "دفتر التتبع الفردي للتلميذ" وعن مصير الغلافالمالي الذي رصد لهما!! ومن حقهم/هن ذلك، فما هو يا ترى جواب مسؤولينا المحترمين؟!!

إن الجواب "الضمني" الدائم هو: سواء نجحتالمشاريع والبرامج والمخططات، أو فشلت، لا يهم، مادامت الأغلفة المالية صرفتوالشعارات رفعت (محاربة الأمية، محاربة الهدر المدرسي، محاربة الفشل، مدرسة النجاح،الانفتاح على سوق الشغل، إعمال التكنولوجيا...)، وما دامت قوات القمع حاضرة ومجندة باستمرار أمامالبرلمان وأمام المؤسسات وبالشارع، وما دامت الأمور مستمرة بحسنها وسيئها و"العامزين"... إن الجواب هو "لا يهم" رغم تباكي "الحاقدين" (الكوانب من المثقفينوالباحثين و"المناضلين" السياسيين والنقابيين...) ورغم الترتيب المذل لمنظومتنا علىالصعيد الدولي ورغم جيوش المعطلين/ات ورغم الترتيب الأخير في سلم "التنمية البشرية" (التقرير الصادر برسم سنة 2014 عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي- شهد شاهد من أهلها/حلفائها- في طوكيو الذي صنف المغرب في المرتبة 129، وراء كل من سوريا –الرتبة 118- والعراق –الرتبة 120-...)!

ويبقى الثقل، كل الثقل على كاهل المؤسساتالتعليمية، في شخص الأطر الإدارية (الإدارة التربوية) والأطر التربوية وعلاقتهابشركائها ومحيطها (المجتمع المدني، وخاصة جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذاتوالتلاميذ والجمعيات المهنية...)، أخذا بعين الاعتبار التفاوت القائم في المجالين العمومي والخصوصي وفيالوسطين الحضري والقروي. ولا يخفى أن النتائج المحصلة، سواء كانت إيجابية أم سلبية،فهي نتيجة للمجهودات المبذولة، الموفقة أو غير الموفقة، من طرف المؤسسات التعليميةالابتدائية والثانوية (إعدادي/تأهيلي)، بأطرها الإدارية والتربوية وتلامذتهاوشركائها. وحتى الأنشطة المنظمة على صعيد النيابات الإقليمية، وحتى على الصعيدالجهوي والمركزي، تكون من إنتاج وتنظيم المؤسسات التعليمية (بأطرها الإداريةوالتربوية وبتلامذتها وشركائها). وفي أغلب الأحيان، تمر هذه الأنشطة التربويةوالثقافية، وخاصة الجادة منها، في صمت وفي ظل التهميش والمعاناة، بعيدا عن الاعترافوالتقدير وفي غياب الدعم المادي والمعنوي، في الوقت الذي يهدر فيه المال العام بدونحسيب ولا رقيب في حفلات الميوعة والابتذال. وإذا كانت الحال هكذا بالوسط الحضري،فما بالك بما هي الحال عليه بالوسط القروي!!؟ علما أن أي ورطة أو فضيحة فيالمجال تحسب على المؤسسات التعليمية، بأطرها الإدارية والتربوية بالدرجة الأولى )مع التوظيف الخبيث للإعلام ولوسائل الإعلام المملوك).

ويلاحظ باستمرار الإصرار المسبق على إقصاءالطاقات التربوية التي قد تفرض بتدخلاتها الهادفة ومقارباتها التربوية البديلةمسارا منتجا جديدا، وتفضح التجاوزات المتفشية في المنظومة التربوية، آخرها طمسالاختلالات المالية والإدارية التي رافقت البرنامج الاستعجالي والسكوت عنها (لا أثرحتى الآن للافتحاص -- audit، سواء المالي أو الإداري)!!، وإبعادها بشتى الطرق عن المواكبةالقريبة لمجريات الشأن التربوي والصفقات المرتبطة به (التجهيزات، البنايات...وبالتالي "سجنها" في الهامش وفي أحسن الأحوال إرهاقها بمتابعة الجوانب الإداريةالتقنية أو توريطها في صراعات شخصية تافهة. ومن بين الطاقات التربوية ضحية هذاالسلوك الإقصائي واللاتربوي العديد من المديرين/ات والأساتذة والأستاذاتوالمفتشين/ات وفي كل التخصصات، وهو سلوك بعيد عن مقاربات الإشراك والتشارك والتواصل والإنصاتوالتفاعل، المبنية على ثنائية الحق والواجب... وقد ساهم التردي السياسي بشكل عاموالتشتت النقابي بشكل خاص، بل والتواطؤ السياسي والنقابي معا، في تعميق هذا المنحىالبعيد عن خدمة حقل التربية والتكوين لما فيه مصلحة مجتمعنا وبنات وأبناء أوسعجماهير شعبنا...

وربما الشعار "الحكيم" لنياباتنا الإقليميةالمستنبط من رؤية الوزارة/الحكومة والمكرس للإفلات من العقاب (عفا الله عما سلف) هو: "كم حاجة قضيناها بتركها"!! ولنا أن نتدبر وأن نستوعب هذه الحال المأساوية في زمن "الثورات وانتفاضات الشعوب" من الخليج الى المحيط ومن المحيط الى الخليج...











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق