الأربعاء، 30 يوليو 2014

نبش في ذاكرة حي التراب الصيني العريق بمذينة أسفي الغالية


السلطة بأسفي ومشاريع الهدم





من مقبرة للاهنية الحمرية الى فران اليهودي





- نبش في الذاكرة :



أشكر كل من يقوم بنشر هذه المقالة التي هي مجرد وجهة نظر ممزوجة بالذكريات ، والحقائق ، والخواطر ، وتسعى في الآن ذاته أن تتوجه إلى أصحاب القرار بأسفي بخصوص أعرق حي بالمدينة يتعرض للمؤامرات .. شكرا لكل من شاركنا هذا الهم على قارعة القراءة ، وشكرا أيضا لكل من تحفظ على نشر هذا الغسيل على بقايا خراب وسطوح لم يعد لها وجود إلا في مخيلة كاتبها رغم النبش في مقبرة الذاكرة .. لكن تذكروا دوما ، إن الزمن لا يرحم ، وأن للتاريخ ذاكرة ..

- الروضة المنسية :

أنصحكم لا تدفنوا أمواتاكم بمدينة أسفي ، حكمة سمعتها من شيخ وهو يتفرج مثلي على كارثة للا هنية الحمرية أيام زمان ، وهي تتعرض للحفر من طرف سلطة أسفي لترحيل موتى المسلمين ، تجمهر الناس وهم يتساءلون عما يحدث ، بعضهم تكهن بأن السلطة وجدت في مقبرة للا هنية الحمرية الغاز والنفط وأن أسفي ستصبح من أغنى دول العالم ، وبعضهم تكهن بوجود أسلحة مدفونة هنا منذ أيام المقاومة وجيش التحرير ، لكن فجأة توقف الحفر ، وبدأت الإشاعات تدب بين الساكنة كالهشيم في النار ، ترى ما الذي حدث ؟

- التخمين الأول :

قال قائل إن المسؤولين ربما عثروا على كنز مدفون هناك منذ زمن غابر ، وسرعان ما أشيع أنهم بالفعل وجدوا كنزا ثمينا تمثل في





وجود بقايا أثرية تعود للعصر الموحدي ، وأن أمواتنا المساكين يعتبرون ، بحكم القانون ، محتلين لهذه الأرض الأثرية ، وبالتالي وجب ترحيلهم بالقوة طبقا لقرارات الأمم المتحدة من أجل المحافظة على التراث المادي والحضاري للإنسانية ، لكن أين ذهبت عظام موتانا في تلك اللحظة وهي رميم ؟ ..

- التخمين الثاني :

عقب قائل أخر يقول ، حقا لقد عثروا على مدينة أثرية ، ولكنهم سيدفنوها لأنهم لا يودون أن تكون لمدينتنا مكانة سياحية تزاحم ، بمنظرها الساحلي الجميل ، مدنهم التي بنوا فيها الفنادق والحدائق ، واستفاض يقول ، هم خططوا لأسفي أن تبقى مجرد حفرة أو روضة منسية ، إذا شئتم ، تتربع على سلم المخدرات ، والخمر ، والجريمة ، وأن تبقى حاضنة للنفايات السامة ، والغازات القاتلة من طرف مركب كيماوي يحصد الملايير يوميا ولا يقيم ولو مشروعا واحدا في مدينتنا ، لا ملاعب لكرة القدم في حجم ملعب مراكش الدولي الجديد ، لا حدائق غناء ، لا أشجار ، لا شواطئ ، لا مسابح ، لا فضاءات للناشئة والصغار على غرار مدن الجوار ، ولا مركز استشفائي جامعي واحد متعدد الاختصاصات وذلك أضعف الإيمان .. من يصاب منكم بمرض خطير بأسفي عليه أن يبحث عن العلاج في مدن أخرى ، وإذا كان فقيرا فليشتري قبره في روضة مؤقتة تغدو مع قادم الزمن نقطة في جدول أعمال ممثلين بارعين في الشعارات ، وصناعة الموت والهدم ، ثم تتحول حفرته التي اقتناها أهله المساكين ، فيما بعد ، إلى لوتيسمات يقتنيها أموات آخرون بإشهار مؤدى عنه ليدفنوا فيها ، هم الآخرون ، بالكريدي مدى الحياة .. وإذا ساعفكم الحظ فعليكم بالتوجه مكرهين إلى المدن المحظوظة طلبا للعلاج وكأنكم مواطنون مغاربة تقطنون خارج مغرب التناقضات لكن المصيبة الكبرى أن الحفر لم يتوقف عند هذا الحد ولم يحترم حرمة أمواتنا المسلمين ، بل توقف لحضور يهود إسرائيل ليتمكنوا من جمع عظام موتاهم المقدسة من لحودها في الوقت الذي منعنا فيه نحن من الاقتراب من رفات أهلنا ، ونقلوها بحضور السلطة ، وبعض الحاخامات لدفنها من جديد بمقبرة يعرفها أهل أسفي المخلصين ..



والسؤال الذي ظل يؤرقني لحد الآن ، ما هو مصير موتانا الذين كانوا مدفونين هناك ؟ . هل دفنوا جماعة في حفرة واحدة ليخلوا الجو لسماسرة العقار وجشعهم السافر أم جمعوا الرفات وأحرقوها ، ثم رموا رمادها في البحر على غرار تقاليد ديانة الهندوس ؟ ..



من حين لآخر ، ظل أبنائي يسألونني في مناسبات عديدة عن مدفن جد والدهم ، وكنت دوما أتهرب محرجا كي لا أهدم ما تبقى من إيمان بقيم هذا الوطن ، كنت أحس بقلق وجودي ، وبأسئلة حارقة لم تفارق ذهني منذ ذلك الحين ، أين أنت الآن يا جدي ؟ .. لقد كان لك شاهد وقبر هناك ، وكنا نزورك صغارا في المناسبات ، لكن بعد سنوات مرت لم نعد نعرف أين أنت الآن ؟ .. وأين دفنوك ؟ .. هل اختلطت عليهم الأمور ودفنوك خطلا مع رفات اليهود أم دكوك دكا وحولوا روحك الطاهرة إسمنتا ، وعمارات ، وشققا ، ومتاجر وأبناك .. ؟ ..



أسألكم الآن ، أيها القاطنون فوق قبور أهلنا وموتانا المسلمين ، ألم تسمعوا في يوم من الأيام ، أصوات الموتى وهي تدك الأرض تحتكم بالصراخ لتقول لكم إن المقابر كالمساجد لها حرمة ، وإن أرواحنا لا تموت ، وإن من يدعي أن روضتنا أضحت منسية ، وأصابها التقادم ، فلماذا لا يقوم بنفس الشيء مع مقابر اليهود والنصارى التي يعرف الجميع أنها أقدم من استقلال البلاد ؟ ..



- فران ليهودي :





لهذا الفران حصانة أخرى تكاد تفوق حصانة أهل البرلمان ، تلك هي الحقيقة المرة التي نشعر بها نحن أهل تراب الصيني ونحن نرى الحي التاريخي يباع كما تباع فلسطين الجريحة ، حي مخطط له مع سبق الإصرار لِيُهَجَّرَ ملاكوه وقاطنوه تحت طائلة التهديد كي يفسح المجال للوبيات العقار ، ومختلف الذئاب والثعالب ليتاجروا في حق ليس لهم ، سرقوه بتحايل على القوانين المعمول بها في هذا المجال ، فلا جريدة رسمية صادرة عن الأمانة العامة للحكومة تبيح لهم ذلك ، ولا إشعارات إدارية وقانونية تشعر ذوي الحقوق وفروعهم بنزع ملكيتهم ، ولا حتى إخبار من طرف سلطات الإقليم وأعوانها بادرت بتوجيه إنذارات للساكنة ، حتى أضحينا نشعر أن مدينة أسفي لا وجود فيها لسلطة ، ولا أمن ، ولا قيادة ، ولا محاكم ، ولا إدارات ، ولا قانون يحمي حق الملكية كمقدس تضمنه الشريعة والقوانين والمواثيق الدولية ، لم نعد نشعر مع هذه السلطات الإقليمية إلا بالوعيد والتهديد ، وأصوات الجرافات المخزنية وهي تدك حقوقا كان من المفروض فيها أن تحميها باسم دستور 2011 .. لا حوار مع الساكنة التي انتزع حقها بدون سند قانوني ، لا حوار مع جمعياتها القانونية للتوصل إلى حل يرضي الجميع ، رموز سلطة ما زالوا مشبعين بأفكار بالية ، يجتهدون في جمع أربعة ملايير لفريق كروي لا يحصد إلا الهزائم وخيبات الأمل ، ولا يققون على تفعيل مقتضيات الدستور في مجال النكبات من خلال تفعيل باب التضامن الوطني لتعويض مواطنين سرق حقهم منهم ، ومع ذلك طالبوا منهم الصمت بالسنطيحة وتحمار العينين ، السلطة بأسفي ، مع كامل الأسف ، ما زالت مشبعة بأفكار الماضي ، بعيدة كل البعد عن مفهوم السلطة الجديد التي أرسى أركانها ملك البلاد في إحدى خطاباته التاريخية ، منهاج هؤلاء هو سوسيولوجيا الإشاعات والترويع ، وتكريس التفكير السيكولوجي السلبي لترسيخ أفكار النكبات لتهيئة النفوس والعقول بقبول واقع هوليودي لعبت فيه السلطة دور المخرج ، والممثل ، وكاتب القصة ، يعرفون أن هذا حي يطل على البحر ، ويمتاز بموقع جغرافي مغر ، فريب من جميع المرافق الحيوية للمدينة ، فلماذا لا يحولونه رفقة تجار العقار إلى للا هنية حمرية أخرى ، ويقنعون الساكنة بأن حيهم معرض للهدم ، وبالتالي فهو منطقة منكوبة ، والسؤال أين كنتم عندما أهملتموه ، وأصدرتم أوامركم لأعوان السلطة بمنع أي إصلاح أو ترميم بخصوص هذا الحي ؟ .. ثم أين أهدرت ضرائب المال العام التي دفعتها لكم هذه الساكنة ، وإلى أين ذهبت ؟ ..



في حينا حلقات متناقضة لسيناريو لا وطني ، سيناريو فران ليهودي الذي سيتحول قريبا إلى عمارة من طرف لوبي عقاري ، تم تعويض ورثته في تل أبيب لأنهم يهود ، أما نحن ذنبنا الوحيد أننا نحمل جنسية مغربية ، شخصان آخران يعرفهم البادي والعادي ، أحدهم عوض ، والثاني تجري معه مفاوضات سرية مع السلطات لإقناعه بعرض مغر كي يقتلع من هناك ، أما المساكين فلهم الصبر والله ، ولكنهم بفضل جمعياتهم ، وإيمانهم بحقهم المقدس ما عليهم إلا بتطوير أشكال النضال السلمي ، ومكاتبة صاحب الجلالة للاحتكام ، وفتح تحقيق قضائي في الموضوع ، وإيفاد لجنة للتقصي لأننا نملك ملفا ثقيلا من الخروقات ضد رموز السلطة بأسفي التي لا تتقن إلا الهدم ..





ميراني الناجي



سلا في : 28/07/2014





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق