الاثنين، 30 مارس 2015

نص:سيدة لا تموت. بقلم محمد لغريسي



نص قصصي:



سيدة لا تموت


بقلم لغريسي محمد


سوكت فمها بسواك حار يشحذ الشفة ويشفي اللثة.



كحلت عينها الحوراء.نحـتت رمشها النحيل المضطرب.ركـبت أنا المسمى أسفله خلفها فوق جحشتها المطهـمة ذات البطــن المنحرفة المكورة وكنت لاشيئا...



خلفنا كانـت اللقالق تـؤدي رقصتها الروسـية.والضفادع بنت الكلب تغني أغنية افريقية رديئة الصراصير هي الأخرى تصدر ضجيجها الأفغاني بعناد وإلحاح.



..........................



مغناطيس غريب يجذبني نحو خمارها ورنين دماليجها. هي كأنها أنا أخاف عليها تارة/وافـــرح بها تارة. حليبها الملكوتـي بين اضراسي توت. نعـــم.أحبها وان نهرتني يوما أمـام أصدقائي بايت الغازي.اسـتشاط غـضبي فجـأة.وصرخت:



-ما هده الزميطة الحائلة..



انزويت تحت شجرة الجبوج.وشـعرت فجأة كما لو كنت هـدهدا وبحرا متمـردا.أبحر في رواية الحرب والسلام/أمضغ أوراق : تجاعيد الليث/ أسبـح كما الرصاصة الطائشة وأنسى ألمها .وابنـي قصوري الزئبقية في ديوان الفروسية.



كنت طبعا وحشا يونانيا يمـضغ الحبروورق السكرالازرق وهكدا أسكن فوق مخ الدنيا.لدة لاحدود لها تشبه ترتيل أيــات من الفرقان الفردوسي .



مثلا: ايــــــات من سورة الكرسي



.سورة الم نشرح لك صـدرك.



دعاء اللطيف الدي تدمع له عين الملحد والعابد.



.............



ترفعني السيدة العالية فـوق رقبتها.تشير لي نحو هضاب تابريكـت وسهل بطانة السهلي.السهل الوثير والهضــــبة الخجولة يتمـايلان.أرجوحتان رومانسيتان.وعـيني الصغيرة حائرة.ترىشعاعا منحدرا نحو مشنقته. أشجـــارا تتخاصم بصوت مرتفع وعدواني. تقول كالبشر كلاما دنيـئا.تلكزني السيدة بمهمازالجحشة.تقول لي:



- ســلا الساهرة بين أفخاد الأولياء وضجيج القراصنة.كلها لك./



-استمتع يا ابن رقية بنت موحى/قـف وقفة الأفعـى/قف واستنشق عمامة يوسف بن تاشفين/قف واشرب لك بلسمـا من باب شــعفةالعميق الى براريك الدوارالشاردة في عبثها السرمدي.بحي العكاري



......................



نقصد دكان سيــدي الغالي.يشوي لنا الرجل العريض.دوالشارب الكث بضع سمكات عربيات فوق الشواية.الدخـــان الملعون



يعاند ريقي.يسيل على ياقة قميصي.استلذ السـمكة بين أضراسي السمكة هي الأخري أعجبها اللعب واللعاب.سال ريقــــــها ولطخ عمـودي الفقـري.



-على العمـوم هـي ألد من الزميطة التي تمزجها سيدتي بزيت العود ورداد القــــــرفة الحلوة. تحـشوبها بطني المنحرف الا



أن تنتفخ الاجاصة.أهرع نحو الميضة وظهـري مقوسة نحوالركبـتين.تصم أمـي الأدنين بـخمارها الباكستاني.تخفـــــي أنفها المراكشي المتخن بالتزاويـق العثـمانية.وتقول لي:



رائحتك يا ابن المعازيز مثل غائط المطر.



.....................



في طريقناعثرت علـى كـتب قديمة تقـيأت عليها أنثى الحلزون.أجمعها كالمتسول المحترف بيـن الدراعين.وأقــــــــــــــــول:



-هده دراهمي/



-هده الحروف الكوفية هي التي سـوف تكون زوجتي وحبيبتي وسيفي الشيعي في وقت الشدة وتمد لي الشـراع ان غرقت في طوفان وطيف هده الدنيا.مبتـسم الفم كنت والريش ينب ـ ث في مفاصلي الأميرية.سعـيد الشأن كـــــنت كأنني طاووس من بغداد.



...........................



تنصحني أمي:



- يا ابني.هدا الفـقر يفترس أغانينا وملابسنا السـفلية.بعيـونك الواسعة تستطـيع أن تكنس ملوحة البحرالتي تتكـــــــلس في حلقنا.وتشـيد لنا منزلا صينيا فـوق أنف الحاسدين.



سوف تكون غدا قائدا يلبس سلهاما واثـبا./ أوأستادا يثرثر في حمام الرجال والنساء ويكتب اسماء الألم السعيد.أوأســــتادا



يثرثر في حمام الرجال والنساء ويكتب اسماء الألم السعيد بالطبشورة./ قـد تشتري لي قفطانا من حرير صفرو./ قد امتطي رفقتك سيارة اوسع من البحر ورفرفة القفطان./



..................



أسمغ نسغ الكلام الرقيق.فنسافر الى أسيغاو وتانوبارت.نستورد من هناك فجلا أخضرا.قنافدا ضوئية من بادية تيــــداس.و نركب الخيول عند مصب ضاية رومي.نغطس بنصفنا العاري ونصفنا الحجري معا نحو قاع بارد.القواقع في قاع الضـــــاية



لؤ لؤ ومرجان وطرق ملتوية وجبال قاسية ونساء لهن أرداف بلا وجه.والحية الزرقاء تصافحنا وتلحس بطن امـــــي كما يفعل النسيم بورقة البرتقالة.ثـم نلـبس ملابسنا.وننصرف نحوالضريح الموالي..



في تلك الليلة التي لا أكاد أصف رونقها.هيأت الأم البقولة الشهية في قعرالطاجين الدي يحكي لنا قصته السيزيفية التي لا تنتهي.هداالطاجين الطيني مثل نهر الليطاني يبكي صامتا ويستمر في النحيب.



تزحزح بنت موحى الغطاء.اتلمس بيدي لفتا اصفرا. قزبرة طرية.كرنبا دكوريا.طماطـما أنثويـة كورت لقمة وبلعت البقـولة المحشوة بالبيض البلدي وعيدان الزعفران السوسي الدي يغفو فـوق نهد شيشاوة الذكري.



أقبل فوج من الرعاة بدون أسنان.دراويش لا يضحكون ولا يبـكون ولا يتأملون.شبع الأوغاد الطيبون وانصرفوا بيـن التلال والتلال.بقيت رائحة اسطورتهم تزكم أنفي.وطربوشهم المكسر يرفرف نحونا كسرب الحمام.ثم تاهواهـناك وانقطــع خبرهم.



........................



رافقتني أمي الى مدرســة ابن طفيل عند سفح الهضبة العـزلاء./



بـرد شيطاني قارس.يستقر في كل مفاصلي.على امتداد طريقي تثرثر وتنشــد شعرها اللاهـوتي الرنان:



عاري عليك يا بن قاسم



يا صاحب اللوا والخاتم



راني على افعالي نادم



مادرت



باش نلقى اللـــــــه



ضيعت في الغرور زماني



والشيب الغدار كساه.



......................



هاهم كلهم يلحسون نافدة ويلحسون ضوءها ويحلمون.ينتـظرون قدوم الأستاد وهـويرتـدي ثوبا سميكا وجـــــلبابا له لون



غبار وتراب.عيناه لا تهدان كانهما عينا حرباء سـاهية.كأنها أســــــــــئلة طوطمية وشجرفلسفي.جرثم غول الذاكرة ظهري بالسوط والتوت.ادمى لي أرشيف مخيلتي كثيرا.وخرب اعشاش طير الكناري التي ربيتها.



بزق ابن الشيخة الحوزية في وجهي ووجههم.حتى غرق قميصي المبعثر في واد بهت وابتلع طائر الــغاق أزراره اللامـعة.



عدت الى منزلنا.والزقاقات الصامتة تشـتمني /



والناس السائرون سائرون/وأناجسد مسطح.تغتالني الأهات.مسحت أمي دمعتي. قــالت لي:



-هدا الرجل لا يفهـم المعـنى.



.ووصتني أن أقف دائما وأنا في غمـرة التعب بشكل عمودي.كما تقف الثماثيل الرومانية في متحف زمنها.مسحت دمعتــــي



الخريفية الثانية بخمارها الشعري الرخيم.



قالت:



-اصبر يا ابن المحنة الجميلـة./



يوما ما سوف تكبـرفيك الأشواق العظيمة./



-اصبر وسـر منتصب الأنـف نحو نشيد السـياب.كي لا نشرب هده الحريرة الباردة مرة أخرى.كي لا تغطـيك خادمة الضريح ببطانية أرفود /



كانت عيناهاالصارمتان واسعتان ككتاب سيميـائي.وهـي تحكي ووجهـها شمس والعالم كله حبة تين مــــر.الحسه بالعينين. فيغدو أديم سيدتي المقدسة مزهرية.



.........



تسحب ماء صيدلانيا من الخابية.أشم وشوشة التراب والخروب والقطران الرقيق في القدح البدوي وأشرب كالمجنون دون انقطاع.أما شعرها الياباني فكان يمتد من سور شالة الى سورا متشحا بحناء تافيلالت القحة.



....................



كانت حقا امرأة لا كالنساء.تضحك رغم رماد جفنها. تنام بعينين فسيحتين.وتهتـف دائما فـي أدني:



لا تحزن./ هده الدنيا نكتة بالية.



هناك من هو في اسفل الغم تحتنا.



وهناك من هـو في أعلى هده المزبلة.



ثم قــــصدنا مـعا سوق الكلب:



مهرجان./هرج



ســوق بشرية هائجة .ها بائع العصير اليابس./



ها بائع الطرب الخليع./ها بائع الجسد المنعدم./ها بائع الخرافة



ها الرجل الدي يصارع الأفعى دات الرأس الرباعية.يرعبني/ فأشعر بمداق البادنجان في خاطري هاالمرأة التي غطى الشيب التعيس نصف رقبتها المتكلسة.تشرب ماء الجن الأزرق.تمضغ الزجاج بشكل متطرف. تأمرنا:



- قولوا السلامة/



قولوا الله يعفو/



صلو على النبي/



قولو السلامة مرة اخرى./



...........................



أما دلك الدي كان يحكي الأزلية فقد سحرني.جعلني أتغيب عن مدرستي شهورا متـتابعة. جعلني لاأعبأ بالقوت والدســـم الا أن هزل هيكلي الكاريكاتوري واستفحـلت الشوك الواخز علـى معدتي...



يكذب علي الراوي فتصدقه أحاسيسي التي تفيض وتنهـرق .أذوب نحاسا نظيفا في شخصيات الحكاية.أتســــلل الى عمق ما اسمع بقلبي فأرى الجنان والفيافي وأسـفار الأنبياء.أتمنطق سـيف عنتر وأخرق بطن المارد الذي يتحول.أعلن انتـــصاراتي الورقية عند الأبواب الجبسية المـقوســة /



أتسلل الى بيت بلقيس وأرغب في قبلة من فمها البيروتي.



ألبس الاستبرق الوفير/



وعندما يحل ويهل الاشراق.أبوس قدميها الغارقتين في ماء العسجد.يهب دماغي.فأبرح الرحبة صحبـــــــة بنت موحى الى الحلقة الرابعة..



.................



أتدكرين يا سيدتي: صورة القرد والقراد....



سأحكي:



يجلس القــراد القرفصاء.يصـدرأمره العسكري.



أتدكرين/



يلوح بالعصا العجيبة. يقول للــناس:



هده العـــــصا:أتوسد عليها وقت الهاجرة/



اتكلم بها/



اهـش بها على صاحبتي في فراشنا/



اتخدها سيفا في ليلتي./



أكتب بها مذكراتي الالكترونية على التراب/أحسـب بها خسارتي التي تلازمني.أش ـ رح بها أفكاري حينما لا يفهمني العالم../



...........................



يتكلم القراد. يغمز للقرد ميمون ويتفاهمان. يتناول ميمون حبات عباد الشمس بتشنج كما نحن. ويبزق علينا كما يفـــعل كل قرد في الدولة والحكومة.



هؤلاء القرود يتسلقون.يأكلون ألـد موزة في البـلد.وحينما يعودون الى رأس الدوار.يشتمون/ يبزقون/ يحرقون أعصـــــابنا بكـامل البرودة.



القرد ميمون ينط/



يقلد جلسة الـقائد/



يقلد مشـية الكوماندار/



يــقلد غطـيط المزلوط/.



بقينا هكدا في الدوائر المتشابكة الا أن سقط القرص الوهاج بين أقدامك وأقدامي.ولما وصلنا الى رأس الدرب.وجدنارهـــطا من النساء يتخاصمن. وينحتـــن بألسنتهن كلاما فاجرا...



ذات يوم ممطر.



باست هده السيدة الحائرة جبهتي.وغسلت شعري المجعد بصابون الكف.نزعت جميع ملابسي الداخلية.وغمستها فـــــــــــي الكافور.غطتني ولم أكن شـيئا البتة بالكاشــة الثقيلة.فنمت نوما هادئا يمتد من جبال الأمازون الى هضاب الأنــــكاالعمـــيقة.



ورأيـت جسدي يطير مثـل الأفاعي بلا بلا جناحين.



قلت في نفسي:



-هده سيدتي وشجرتي تعاملني كالفراشات./



في يقظتي ومنامي.



هي ستكون خالدة معي في حياتي ونهايتي.



في دفاتري وصور طفولتي.



..........................



بارك الفقـيه المسيحي اسمها.



رمى بطلاسـيمه الخاسرة في مجمرالشوافة.وأحرق خرافاته.والسيـــــدة أفروديت سمتني:أدونيس الهندوسي.وأمرتنــــي أن أبوس أقدام بنت موحى التي لا تموت.


الرباط فبراير 2004




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق