في شأن توزيع الأقسام على أساتذة المدرسة الواحدة أقترح أن يتبنى الإخوة الأساتذة و على رأسهم رئيس المؤسسة عرفا آخر غير العرف المعمول بها حاليا و الذي يتمثل في إعطاء الأسبقية للأستاذ الأقدم كي يختار القسم/المستوى الذي يريد ؛ و هو عرف لا يستند على أي أساس قانوني أو تربوي ...
العرف الجديد الذي اقترحه هو أن يتبع كل أستاذ قسمه/مستواه من الأولى ابتدائي إلى السادس ابتدائي تجنبا للمشاكل التربوية الخطيرة التي يفرزها العرف السابق و طلبا لنتائج أفضل .
العرف الجديد الذي اقترحه هو أن يتبع كل أستاذ قسمه/مستواه من الأولى ابتدائي إلى السادس ابتدائي تجنبا للمشاكل التربوية الخطيرة التي يفرزها العرف السابق و طلبا لنتائج أفضل .
و أعرض عليكم فيما يلي فقرات من أحد مواضيعي السابقة في هذا الشأن : بعنوان "نقض مكننة التعليم
<< ... نعود إلى عنواننا " مكننة التعليم " و مقدمتنا عن العمل المتسلسل لكي نقول أن الوضع الحالي في مؤسساتنا التعليمية بالمغرب اتجه ــ ربما بشكل غير مقصود ــ إلى أسلوب في العمل أشبه ما يكون بأسلوب تايلور " العمل المتسلسل " : فكل معلم يُكلف أو يتكلف بتدريس قسم معين : واحد في القسم الأول و آخر في القسم الثاني و هكذا ..؛ و العادة الجارية أن المعلم يظل قابعا في تدريس هذا القسم أو ذاك لسنوات عديدة قد تكون أحيانا هي كل سنوات حياته العملية في وضعية أشبه ما تكون بعامل واقف على حلقة من حلقات سلسلة الإنتاج ... أَوَنحن بصدد إنتاج سلعة مصيرها النهائي مطرح نفايات أم نحن بصدد شيء آخر يرقى عن ذاك المصير المهين ؟ !..
إن الفصل الدراسي مجال مشحون بأجواء حارة من الأحاسيس و العواطف الإنسانية الرقيقة تجمع بين كائنات تنبض بالحياة : أطفال في مقتبل أعمارهم ينضحون حيوية و نشاطا و تجللهم البراءة مهما عِبنا عليهم ؛ و معلم تجلله صفتا التربية و التعليم مهما قلنا عنه ؛ و أسر تستأمن المعلم فلذات أكبادها تحاول ربط علاقة ودية مع المعلم يشوبها نوع من الاستعطاف ، الضمني غالبا الصريح أحيانا ... ما يكاد الطفل يألف معلما حتى ينقل إلى معلم آخر ، و ما يكاد المعلم يألف تلامذة و يصل إلى نهاية البرنامج السنوي حتى يجد نفسه مرة أخرى يعيد من نفس نقطة الصفر التي بدأ منها مع أطفال آخرين . قد يكون الأمر طبيعيا بالنظر إلى أن لكل شيء بداية و نهاية ، لكن المدة المخصصة لذلك قصيرة جدا ، مجرد سنة واحدة ، حلقة واحدة تتكرر كل سنة ..، أمر يبعث على الملل و افتقاد لذة العمل ، مما قد يحيل إلى التهاون و ضعف الجودة .
مما قد نحسبه إيجابياتٍ للعمل المتسلسل في تعليمنا هاتين اليتيمتين :
ــ عدم إرهاق المعلم بإعداد التحاضير بشكل يومي يستهلك نهاره و ليله ، و يحرمه أوقاتا من الراحة اللازمة لاستئناف حصص جديدة بصدر رحب يحفظ التلاميذ من ويلات سرعة الغضب و يحفظه هو نفسه من ضغوط نفسية لا تقل خطورتها عن خطورة حوادث الشغل التي يتعرض لها غيره من المهنيين في الأنشطة الاقتصادية الأخرى ؛ فبطريقة العمل المتسلسل يحافظ المعلم على نفس التحاضير لعدة سنوات لا تنتهي إلا بتغيير المستوى الدراسي أو تغير المقررات ، و في ذلك فسحة راحة واسعة له ؛
ــ و اكتساب المعلم لتجربة كبيرة في المستوى الذي يدرسه ؛ هذه التجربة تتمثل في ضبطه الكامل ( بسبب التكرار فقط ) للبرنامج و مكوناته ، و تطويره للتقنيات الميسرة لبلوغ الأهداف التربوية .
لكن ما قيمة هاتين الميزتين إذا كانتا تهددان تعليمنا و تقودانه إلى نوع من الجمود ، و البرود ، و اللامبالاة و الإحباط ..، وضعف الجودة .
تمثل معي هذا الوضع مثلا : معلم مبتدئ يخطو الخطوة الأولى في مجال التربية و التعليم . أطفال يلجون فضاء المدرسة لأول مرة . يبدأ نوع من التآلف في التنامي ، و تتمتن الأواصر العاطفية بين التلميذ و المعلم كل ذلك في موازاة مع بناء تدريجي لبنة لبنة للمحصلة الدراسية للتلميذ ... تبدأ السنة الدراسية بنوع من الصعوبة ، يدركها المعلمون ، عبارة عن مخاض شبه عسير يروم إلى تحقيق نوع من الانسجام و التآلف يسهل به إلى حد كبير تحقيق التواصل ما بين طرفي العملية التعليمية التعلمية . هذا الانسجام و التآلف الذي ما تكاد تتوطد أوصاله و تتعمق جذوره حتى تنقلع بقسوة و جفاء شديدين في آخر السنة ؛ ما يكاد هذا البناء الوجداني تكتمل بعض أجزائه حتى يرى طرفاه ( و خصوصا المعلم ) نفسيهما من جديد في نقطة الصفر ... ثم في السنة الموالية يعيد المعلم العملية من جديد مع وجوه جديدة ... حلقة مفرغة قصيرة يزداد الملل كلما زاد تكرارها ..، كمن غاصت قدماه في الرمال فلا يستطيع أن يتقدم بنفسه إلى الأمام ولو خطوة واحدة ... و لتسأل عن جذوة حماس المعلمين في أوائل سنوات العمل كيف تخبوا بعد ذلك سريعا سريعا ...
قد يكون اقتراحي له نفس الطابع ، فلو تكلف كل معلم بمسايرة تلامذته لمدة ست سنوات من السنة الأولى إلى السنة السادسة ( طيلة المرحلة الابتدائية ) ، فهناك بداية و نهاية ... لكن يبدو لي أن الأمر لن يكون كذلك ؛ فمن يعد مسيرة عمله بالسنوات الكثيرة المتكررة مثل سابقاتها ، ليس كمن يعد مسيرة عمله بالأفواج التي تكفل بها ، كل فوج بست سنوات : أي أن عد المعلم لمدة عمله لن تكون ( مثلا ) أربعين سنة بل ستة أفواج فقط ..، و كل فوج يشهد بأنه ثمرة جهود فلان ، حوالي ستة أفواج تشهد له أو عليه ، و المجتمع يشهد له أو عليه ، و نفسه تشهد ..، و إحساس بالرضا أو الخجل و الندم ... و بهذا تتحدد المسؤوليات و تتحقق المحاسبة المفتقدة ...
الإنسان يحب ، و له الحق ، أن تنطبع بصماته على هذا الكون و تخلد إنجازاته بإسمه ، و يكره أن تصادر منه ... أما عندما يرقى همه إلى أجر عمل لا ينقطع نفعه بموته فذلك مقام جليل يتشوف إليه الكثيرون .
الجمود و السكون يحثان على السبات و الخمول ، و التحرك و الترقي يحثان على اليقظة و الحيوية ..؛ و كذلك الذي يترقى بتلامذته من مستوى إلى مستوى آخر يتابع معهم سنة بعد أخرى المسار التعليمي التعلمي و يتابع نموهم الجسمي و الفكري و الوجداني، و تنمو في نفسه بالتوازي مع كل ذلك عواطف جميلة ترقى إلى عواطف الوالدين تجاه الأبناء..، و تنموا في أنفس التلاميذ بالتوازي مع كل ذلك عواطف جميلة ترقى إلى عواطف الأبناء تجاه الآباء ... و هذه العواطف الجياشة الجميلة مكسب عظيم للتربية و التعليم ، إنها دافع عظيم يدفع من رُزقها إلى بذل المزيد من الجهد و استرخاص كل غال و نفيس من أجل هؤلاء التلاميذ الأبناء ..، و ذلك الجهد النابع من قلب محب لا شك تصل حرارته إلى قلوب الصبية فتنفتح قلوبهم و تلين فيبادلونه حبا بحب و تنفتح أفهامهم بحسب طاقتها و تشحذ هممهم بحسب استطاعتها .
قد تبدو هذه الكلمات محلقة بعيدا في سماء المثاليات ، لكن الذي يعرضها إبن الميدان ، مر بتجربة حلوة و مريرة في آن واحد في التعليم بالبادية ؛ فأما الحلاوة فقد تمتع بها في صحبة التلاميذ الأبناء ، و أما المرارة فقد ذاقها بفراقهم ..، و كان يظن أنه لو أتيحت له الفرصة لصحبتهم إلى المستوى السادس لكانوا أحسن بكثير مما بلغه من الأخبار عن شأنهم فيما بعد : لقد راح معظمهم ضحية للعمل المتسلسل ... و الكلمات هنا إشارات يفهمها أهلها ...
إن هذا الاقتراح الذي يقترحه صاحبنا باب يريد أن يفتحه لإعطاء نفَس جديد لمهمة التربية و التعليم يخلصها من اللامسؤولية و غياب المحاسبة التي يعاني من ويلاتها الكثير من الأطفال و أوليائهم ، و يخلصها من الجمود و الركود و البرود الذي تعانيه الكثير من الأقسام حتى أنها تكاد تجف من أدنى الأحاسيس الإنسانية النبيلة ... اِقتراح يروم بعث الروح في جثة التربية و التعليم ..؛ و لتعلم أن الجسد الميت و الجسد الحي فيهما كل المقومات المادية للحياة ، و لكن الجسد الميت ذهبت عنه الروح . >>
إن الفصل الدراسي مجال مشحون بأجواء حارة من الأحاسيس و العواطف الإنسانية الرقيقة تجمع بين كائنات تنبض بالحياة : أطفال في مقتبل أعمارهم ينضحون حيوية و نشاطا و تجللهم البراءة مهما عِبنا عليهم ؛ و معلم تجلله صفتا التربية و التعليم مهما قلنا عنه ؛ و أسر تستأمن المعلم فلذات أكبادها تحاول ربط علاقة ودية مع المعلم يشوبها نوع من الاستعطاف ، الضمني غالبا الصريح أحيانا ... ما يكاد الطفل يألف معلما حتى ينقل إلى معلم آخر ، و ما يكاد المعلم يألف تلامذة و يصل إلى نهاية البرنامج السنوي حتى يجد نفسه مرة أخرى يعيد من نفس نقطة الصفر التي بدأ منها مع أطفال آخرين . قد يكون الأمر طبيعيا بالنظر إلى أن لكل شيء بداية و نهاية ، لكن المدة المخصصة لذلك قصيرة جدا ، مجرد سنة واحدة ، حلقة واحدة تتكرر كل سنة ..، أمر يبعث على الملل و افتقاد لذة العمل ، مما قد يحيل إلى التهاون و ضعف الجودة .
مما قد نحسبه إيجابياتٍ للعمل المتسلسل في تعليمنا هاتين اليتيمتين :
ــ عدم إرهاق المعلم بإعداد التحاضير بشكل يومي يستهلك نهاره و ليله ، و يحرمه أوقاتا من الراحة اللازمة لاستئناف حصص جديدة بصدر رحب يحفظ التلاميذ من ويلات سرعة الغضب و يحفظه هو نفسه من ضغوط نفسية لا تقل خطورتها عن خطورة حوادث الشغل التي يتعرض لها غيره من المهنيين في الأنشطة الاقتصادية الأخرى ؛ فبطريقة العمل المتسلسل يحافظ المعلم على نفس التحاضير لعدة سنوات لا تنتهي إلا بتغيير المستوى الدراسي أو تغير المقررات ، و في ذلك فسحة راحة واسعة له ؛
ــ و اكتساب المعلم لتجربة كبيرة في المستوى الذي يدرسه ؛ هذه التجربة تتمثل في ضبطه الكامل ( بسبب التكرار فقط ) للبرنامج و مكوناته ، و تطويره للتقنيات الميسرة لبلوغ الأهداف التربوية .
لكن ما قيمة هاتين الميزتين إذا كانتا تهددان تعليمنا و تقودانه إلى نوع من الجمود ، و البرود ، و اللامبالاة و الإحباط ..، وضعف الجودة .
تمثل معي هذا الوضع مثلا : معلم مبتدئ يخطو الخطوة الأولى في مجال التربية و التعليم . أطفال يلجون فضاء المدرسة لأول مرة . يبدأ نوع من التآلف في التنامي ، و تتمتن الأواصر العاطفية بين التلميذ و المعلم كل ذلك في موازاة مع بناء تدريجي لبنة لبنة للمحصلة الدراسية للتلميذ ... تبدأ السنة الدراسية بنوع من الصعوبة ، يدركها المعلمون ، عبارة عن مخاض شبه عسير يروم إلى تحقيق نوع من الانسجام و التآلف يسهل به إلى حد كبير تحقيق التواصل ما بين طرفي العملية التعليمية التعلمية . هذا الانسجام و التآلف الذي ما تكاد تتوطد أوصاله و تتعمق جذوره حتى تنقلع بقسوة و جفاء شديدين في آخر السنة ؛ ما يكاد هذا البناء الوجداني تكتمل بعض أجزائه حتى يرى طرفاه ( و خصوصا المعلم ) نفسيهما من جديد في نقطة الصفر ... ثم في السنة الموالية يعيد المعلم العملية من جديد مع وجوه جديدة ... حلقة مفرغة قصيرة يزداد الملل كلما زاد تكرارها ..، كمن غاصت قدماه في الرمال فلا يستطيع أن يتقدم بنفسه إلى الأمام ولو خطوة واحدة ... و لتسأل عن جذوة حماس المعلمين في أوائل سنوات العمل كيف تخبوا بعد ذلك سريعا سريعا ...
قد يكون اقتراحي له نفس الطابع ، فلو تكلف كل معلم بمسايرة تلامذته لمدة ست سنوات من السنة الأولى إلى السنة السادسة ( طيلة المرحلة الابتدائية ) ، فهناك بداية و نهاية ... لكن يبدو لي أن الأمر لن يكون كذلك ؛ فمن يعد مسيرة عمله بالسنوات الكثيرة المتكررة مثل سابقاتها ، ليس كمن يعد مسيرة عمله بالأفواج التي تكفل بها ، كل فوج بست سنوات : أي أن عد المعلم لمدة عمله لن تكون ( مثلا ) أربعين سنة بل ستة أفواج فقط ..، و كل فوج يشهد بأنه ثمرة جهود فلان ، حوالي ستة أفواج تشهد له أو عليه ، و المجتمع يشهد له أو عليه ، و نفسه تشهد ..، و إحساس بالرضا أو الخجل و الندم ... و بهذا تتحدد المسؤوليات و تتحقق المحاسبة المفتقدة ...
الإنسان يحب ، و له الحق ، أن تنطبع بصماته على هذا الكون و تخلد إنجازاته بإسمه ، و يكره أن تصادر منه ... أما عندما يرقى همه إلى أجر عمل لا ينقطع نفعه بموته فذلك مقام جليل يتشوف إليه الكثيرون .
الجمود و السكون يحثان على السبات و الخمول ، و التحرك و الترقي يحثان على اليقظة و الحيوية ..؛ و كذلك الذي يترقى بتلامذته من مستوى إلى مستوى آخر يتابع معهم سنة بعد أخرى المسار التعليمي التعلمي و يتابع نموهم الجسمي و الفكري و الوجداني، و تنمو في نفسه بالتوازي مع كل ذلك عواطف جميلة ترقى إلى عواطف الوالدين تجاه الأبناء..، و تنموا في أنفس التلاميذ بالتوازي مع كل ذلك عواطف جميلة ترقى إلى عواطف الأبناء تجاه الآباء ... و هذه العواطف الجياشة الجميلة مكسب عظيم للتربية و التعليم ، إنها دافع عظيم يدفع من رُزقها إلى بذل المزيد من الجهد و استرخاص كل غال و نفيس من أجل هؤلاء التلاميذ الأبناء ..، و ذلك الجهد النابع من قلب محب لا شك تصل حرارته إلى قلوب الصبية فتنفتح قلوبهم و تلين فيبادلونه حبا بحب و تنفتح أفهامهم بحسب طاقتها و تشحذ هممهم بحسب استطاعتها .
قد تبدو هذه الكلمات محلقة بعيدا في سماء المثاليات ، لكن الذي يعرضها إبن الميدان ، مر بتجربة حلوة و مريرة في آن واحد في التعليم بالبادية ؛ فأما الحلاوة فقد تمتع بها في صحبة التلاميذ الأبناء ، و أما المرارة فقد ذاقها بفراقهم ..، و كان يظن أنه لو أتيحت له الفرصة لصحبتهم إلى المستوى السادس لكانوا أحسن بكثير مما بلغه من الأخبار عن شأنهم فيما بعد : لقد راح معظمهم ضحية للعمل المتسلسل ... و الكلمات هنا إشارات يفهمها أهلها ...
إن هذا الاقتراح الذي يقترحه صاحبنا باب يريد أن يفتحه لإعطاء نفَس جديد لمهمة التربية و التعليم يخلصها من اللامسؤولية و غياب المحاسبة التي يعاني من ويلاتها الكثير من الأطفال و أوليائهم ، و يخلصها من الجمود و الركود و البرود الذي تعانيه الكثير من الأقسام حتى أنها تكاد تجف من أدنى الأحاسيس الإنسانية النبيلة ... اِقتراح يروم بعث الروح في جثة التربية و التعليم ..؛ و لتعلم أن الجسد الميت و الجسد الحي فيهما كل المقومات المادية للحياة ، و لكن الجسد الميت ذهبت عنه الروح . >>
في شأن توزيع الأقسام بين أساتذة المدرسة الواحدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق