الأحد، 19 أبريل 2015

هل هناك مشروع علماني؟


في خضم النقاش المرجعي بين العلمانيين والإسلاميين، يبرز بين بعض الإسلاميين شعار: "الإسلام هو الحل". والحال أن الإسلام دين هدى. أما القضايا الحياتية، فعلى الإنسان أن يباشرها انطلاقا من معالم وأصول ومقاصد كبرى وضعها الدين، ويبقى اجتهاد الإنسان محددا لدرجة توفقه في معالجة كل قضاياه. فالدين لم يدع إلى التهاون والكسل. ومن لم يتخذ أسباب الرقي والتقدم والنهوض، سيبقى في مكانه ولو كان ناسكا متعبدا.



أما الطرف العلماني، فينطلق أساسا من رفض الفكرة الإسلامية. ومبررات الرفض تختزل في رفض العودة إلى الوراء، ورفض التكفير وما إلى ذلك. وهي مبررات يعلم أصحابها قبل غيرهم أنها مبررات ضعيفة. فعموم الإسلاميين لا يدعون إلى العودة إلى الوراء، ببساطة لأن التاريخ لا يعود إلى الوراء. أما التكفير، فأصحاب الاتجاه التكفيري هم قلة، ثم إن الكثير من الإسلاميين الوسطيين هم أيضا ضحية تكفير.



ما يهمنا هنا هو المشروع العلماني في مقابل رفض الفكرة الإسلامية.



عدا التبريرين الواهيين المذكورين أعلاه، يسعى أنصار التيار العلماني، سواء المتشبعين بقيمه أو المعجبين بها فقط دون إدراكها في العمق، إلى تسويق مشروع تتمثل جل مكوناته في الحرية والعلم والمساواة والدولة المدنية..

هذه المفاهيم كما هو واضح لا تفصح عن شيء، ولا يمكن لأي واحد إلا أن يقبل بها. فمن يرفض الحرية ويقبل الاستعباد؟ ومن يكره العلم؟



إشكالية العلمانيين تكمن في تنزيل هذه الأشياء الجميلة. والأسئلة الدقيقة والمحرجة هي الكفيلة بتبيان مدى نجاعة المشروع العلماني.



للتاريخ كلمته. وحتى لا يبقى الكلام في الفضاء، لننظر إلى حقيقة مفادها أن الدولة الوطنية بعد الاستعمار كانت علمانية رغم أن الدساتير تصدرتها عبارة "الإسلام الدين الرسمي للدولة"، و"الشريعة المصدر الأول للتشريع". وأغلب ما كان من تجليات الشريعة كان مرتبطا بالأسرة وما يتعلق بها من زواج وميراث، مع وجود أنظمة تمردت على الشريعة حتى في هذا الحقل ،أي حقل الأسرة، كما هو الحال مع التجربة التونسية التي دشنها الحبيب بورقيبة. ...

أما باقي المجالات، فكانت سياسة تدبيرها علمانية، ليبرالية أو اشتراكية أو قومية، ولم تنتج سوى النكسات العسكرية، والتخلف الآقتصادي، والإعلام التابع للسلطة، والتعليم المترهل، والخدمات التي لا تليق بالإنسان، هذا كله رغم الثروات التي تتوفر عليها الكثير من الدول العربية.



الخطاب العلماني يسعى جاهدا إلى الإقناع بوجاهة مشروعه، لكن كل سعيه يفشل لأنه ينشغل بنقد الخطاب المخالف (الإسلامي) ويهمل الدفاع عن مشروعه هو، ربما لأنه يدرك تمام الإدراك أن مشروعه لا يتوفر على محددات النجاح عدا كون الشعوب العربية عموما غير مستعدة لتكرار الفشل مرة أخرى بعد ما منحت عقودا من الزمن للنخب العلمانية كفرصة للنهوض، فكان مصيرها الخذلان والفشل، إضافة إلى الصورة السيئة جدا التي سوقها العلمانيون عن أنفسهم إبان الحراك العربي بتخندقهم خلف الأنظمة القمعية وتغليبهم الخلاف الإيديولوجي على المبادئ الحقوقية والحريات وسائر القيم التي أرادوا ان يفرضوا أنفسهم بالقوة ناطقين باسمها.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق