الأحد، 19 أبريل 2015

أسباب ضعف التلاميذ في اللغة العربية

تعددت أسباب ظاهرة ضعف التلاميذ في اللغة العربية فهناك من يرى أنها نتيجة انتشار العامية في الوطن العربي، وهناك من يرجعها إلى ثنائية اللغة بين المدرسة والبيت والشارع. ومن الباحثين من يرى أن ضعفهم في اللغة العربية إنما هو بسبب سوء تصميم المناهج المدرسية، كما أن الكتب المدرسية ينقصها عنصر التشويق والارتباط بواقعهم وحياتهم ومتطلباتهم، وتأخر أساليب التقويم ، وهناك من يقول إنها تعود إلى المعلم وتأهيله وطريقة تدريسه، ومنهم من يرجعها إلى التلميذ نفسه وعدم جديته ورغبته في إدراك المهارات الأساسية في اللغة العربية، وهناك من يحمل الإعلام ووسائله المختلفة مسؤولية هذه الظاهرة الخطيرة. كما أن من بين الباحثين (أحمد المعتوق، 1415) من يعزو الضعف في اللغة إلى المشهد الثقافي العربي حيث “الهبوط الثقافي العام، وعدم وجود ارتباط وثيق بمصادر التثقيف الرئيسة أو الغنية وخاصة المواد المقروءة، هذا بالإضافة إلى أسباب أخرى مختلفة المحاور تتعلق بالحياة المادية القائمة، وبالصراع الفكري والتذبذب الثقافي الذي يعيشه المجتمع العربي، والنقلات والتغيرات الحضارية التي يشهدها ،وبشكل أدق، فقد سعت بعض الدراسات العلمية إلى تلمس أسباب الضعف في اللغة العربية في التعليم العام. ففي دراسة قام بها المعموري وآخرون (1983) على مستوى معلمي اللغة العربية والموجهين في عدد من الدول العربية، بعضهم شارك في إعداد الخطط والمناهج، أظهرت نتائجها أن من الأسباب التي يعزى إليها ضعف مستوى: تغلّب العامية على الفصحى، وعدم حرص المعلمين على استعمال العربية الفصحى أثناء الدروس، وقلة عدد حصص تعليم اللغة العربية، وكثرة المواد، وطول المنهج، وانعدام المطالعة لضيق الوقت، وعدم توفر الوسائل السمعية والبصرية، وإهمال الجانب الكتابي في التعليم الابتدائي



كما أجرى رشدي طعيمة دراسة على 15 دولة عربية حول أسباب الضعف اللغوي، وكان مما توصلت إليه إضافة إلى ما ذكر سابقاً ما يلي: عدم توفر قاموس لغوي حديث في كل مرحلة من مراحل التعليم العام، والافتقار إلى أدوات القياس الموضوعية في تقويم التعليم اللغوي، وقلة استخدام المعينات التعليمية والتقنيات الحديثة في تعليم اللغة، وازدحام منهج النحو بالقواعد، وكثير منها ليس وظيفياً، وصعوبة القواعد النحوية واضطرابها، وبعد اللغة التي يتعلمها الطلبة عن فصحى العصر.



وفي دراسة لشحاته (1995) بحثت في أسباب الضعف اللغوي لدى الطلبة في المرحلة الجامعية، ووزعت أداتها على عينة من أساتذة كلية التربية وطلابها في ثلاث جامعات عربية في الأردن والسعودية ومصر؛ أسفرت نتائج الدراسة أن للمجتمع وتعليم اللغة العربية بمدارس التعليم العام دوراً كبيراً في الضعف اللغوي حيث جاءت ثمانية أسباب من أسباب الضعف اللغوي ضمن الأسباب العشرة التي تتعلق بهذين المحورين. فبالنسبة للأسباب التي تتعلق بالمجتمع جاءت الأسباب التي تتعلق بالأسرة في المقدمة، وجاءت الأسباب التي تتعلق بالمعلم في المقدمة فيما يتعلق بالأسباب التي تعزى إلى تعليم اللغة العربية في التعليم العام. وفي تعليل طريف، أوضح الباحث أن فروقاً ذات دلالة إحصائية ظهرت لصالح العينة الأردنية، وعزا الباحث ذلك إلى “أن معظم سكان الأردن من أصل فلسطيني، واهتمامهم باللغة العربية يأتي من منطلق التحدي لإسرائيل، كما أن مجمع اللغة العربية الأردني يوجد داخل الجامعة الأردنية حيث أخذت آراء العينة الأردنية.أما على مستوى البلد العربي الواحد ، فقد أوضح الشلال (1418) في دراسة على مستوى المملكة العربية السعودية، واشترك فيها مديروا التعليم والموجهون والعاملون في المدارس السعودية، أن من أهم أسباب ضعف الطلبة في اللغة العربية التي اتفق المجيبون على الاستفتاء على أهميتها بنسبة تزيد عن 80% ما يلي: ضعف الربط بين فروع اللغة العربية في التدريس، وعدم استخدام الطريقة الجزئية في تدريس الهجاء بالصف الأول الابتدائي، وكثرة عدد التلاميذ في الفصل. أما فيما يتعلق ببعض المهارات اللغوية فمن الأسباب: الضعف العام في الإملاء يعود إلى ضعفهم في الصفوف الثلاثة الأولى، وعدم الاهتمام بالقراءة الحرة، وعدم تطبيق القواعد النحوية على قراءتهم وتعبيرهم، وعدم وجود الفرص الكافية لتدريبهم على الكلام كالندوات وغيرها. كما عزا الباحث الأسباب المتعلقة بالمعلمين وأساليب التدريس إلى: استخدام المعلمين للهجة العامية في التدريس، وقلة الوسائل التعليمية المناسبة لتدريس مواد اللغة العربية. هذا فضلاً عن أسباب خارجية أشار إليها الباحث مثل: استعمال العامية في البيت والشارع، وعدم وجود مسابقات أدبية تتناسب ومستويات التلاميذ وأعمارهم، وكثرة المسلسلات والتمثيليات باللهجة العامية



أخيراً، فتلك هي أهم الأسباب العامة لضعف المتمدرسين والمتمدرسات في اللغة العربية، ومساحة المقال تضيق عن التوسع في ذكر نتائج عدد من الدراسات حول هذا الموضوع. أما فيما يتعلق بالأسباب الخاصة المتعلقة بكل فن أو تخصص من فنون اللغة العربية كالإملاء والنحو والبلاغة والأدب والقراءة فهي كثيرة ويصعب حصرها، وهناك المئات من الدراسات والبحوث والرسائل العلمية التي غطتها في كل قطر عربي تقريباً



وعلى كل، فأسباب ضعف التلاميذ في اللغة العربية متداخلة، كما أن وجود هذه الظاهرة متباين، ونسبة انتشارها بين قطر عربي وآخر مختلفة، وذلك تبعاً للاتجاه الثقافي ونسبة الوعي الفكري والقومي والمستوى التعليمي، وتبعاً للظروف الاجتماعية والاقتصادية والتغيرات الحضارية التي تخضع لها البلاد أو يتفاعل معها المجتمع.

ومهما يكن، فقد أورثت هذه الأسباب لغة ضعيفة باهتة على ألسنة أبنائها، كما أورثت المتحدثين بها جملة من الأخطاء النحوية واللغوية والإملائية، ورداءة في الخط والكتابة، وركاكة وضعف في الصيغ والروابط الأسلوبية، ومشكلات في القراءة الجهرية، وقصوراً في الفهم والاستيعاب. أما علاج هذا الضعف فغير عسير، لكنه يحتاج إلى وعي وإدراك بخطورة المشكلة أولاً، وبسرعة المعالجة ثانياً، وبتظافر الجهود وتعاون المخلصين والغيورين على هذه اللغة في الأقطار العربية ثالثاً.وليس كما ادعى احد المنظرين المغاربة مؤخرا حيث صاح واتباعه مؤكدا استخدام اللهجات العامية في المدارس المغربية. وفوق ذلك، تحتاج تلك الجهود إلى قرارات سياسية شجاعة تترجم نتائجها إلى برامج وأنشطة وخطط ترتقي بتعليم اللغة العربية داخل المدرسة، وتهتم بسلامتها خارج المدرسة.:thumbdown:




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق