هذا السؤال واحد من الأسئلة التي تناولها الكثيرون ممن رأوا أن المغرب أقبل على تغييرات هامة، على المستويين الدستوري والسياسي، بعد الاستفتاء على الدستور. لكن انتظاراتهم تم إحباطها من جراء الأخطاء التي ما زال يعرفها الحقل القانوني والحقوقي على وجه الخصوص.
المهتمون عادة ما يتوجهون بانتقاداتهم إلى الدولة والنظام واصفين إياهما بالنكوص والتراجع عن المكتسبات، وفي أحسن الحالات، يتم توجيه انتقادات أخرى إلى السياسيين، إلا أن السؤال الذي ينبغي طرحه والإجابة عنه أيضا هو: هل يتمتع المواطن بالبراءة الأصلية؟ بصيغة أخرى: ما موقع المواطن في خريطة الفساد وما موقعه من دستور 2011؟
الحياة اليومية للمواطن تحمل الكثير من الإجابات المؤسفة. فأكثر الموطنين لم تتغير سلوكاتهم تجاه الرشوة مثلا، إذ ما زالوا يفضلون إعطاء رشوة من أجل قضاء الحوائج أو التملص من واجبات، ومازالت علاقتهم بالقانون علاقة سلبية إذ يعتقدون أن القانون موجود ليسهر على راحتهم وأمنهم وحدهم، دون اعتبار للغير.
مناسبة الانتخابات الراهنة هي فرصة أخرى للإجابة عن سؤال موقع المواطن. فالأخبار التي تصل هذه الأيام لا تختلف عما كان عليه الأمر قبل سنوات: شراء الأصوات بشكل مباشر، خروقات قانونية، خدمات مقابل التصويت وابتزاز، تصويت على أساس مصالح وعلاقات قبلية (نسبة إلى القبيلة)، تصويت جزافي دون مرجعية ولا قناعة، تدني المطالب إلى مستوى خطير يجعل الشخص على استعداد لأن يصوت لأي كان مقابل الفتات، وكما يقول البعض " الحكومات السابقة كانت كتاكل وتوكل". وبالمناسبة، أنا ذكرت هذه العبارة أكثر من مرة لأنها تعبر عن الواقع المظلم للبعض من الذين يساهمون في الفساد بمقابل زهيد وهم يعتقدون أنهم يصوتون سياسيا. فأي تغيير يرتجى من قبل أناس يسمحون للفاسدين بسرقة الأرزاق مقابل أن يتوصلوا بنصيبهم من السنتيمات تضاف إلى رواتبهم؟
إن الصورة العامة اليوم هي أن المواطن هو الآخر لم يدخل عصر ما بعد دستور 2001، وليس فقط السياسيون، وهذا كله يرهن وطنا بأكمله ويكبله ويؤجله انعتاقه وتطوره نحو الأفضل.
المغرب لم يتجاوز سنة 2011. الدستور، كوثيقة، وحده من تجاوزها.
ما الذي تغير بعد دستور 2011؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق